منه، فأقام عليه وحصره، وسرح أَبُو جعفر لقتال عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ أبا مسلم، فسار إليه ٢/ ب وقد جمع الجنود/ والسلاح وخندق، وجمع الطعام والأعلاف، فسار أَبُو مسلم ومعه القواد كلهم، وبعث مقدمته مالك بْن الهيثم الخزاعي، وَكَانَ معه الحسن وحميد ابْنا قحطبة، وَكَانَ حميد قَدْ فارق عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ، وَكَانَ عَبْد اللَّه أراد قتله، فإنه كتب إِلَى زفر بْن عاصم إِلَى حلب: إذا قدم عَلَيْك فاقتله. ففتح حميد الكتاب وعلم مَا فِيهِ، فلم يذهب.
ولما بلغ عَبْد اللَّه مسير أبي مسلم إِلَيْهِ أعطى العكي أمانا، فخرج إِلَيْهِ فيمن كَانَ معه، ثُمَّ وجهه إِلَى عثمان بْن عَبْد الأعلى إِلَى الرقة ومعه ابْناه، وكتب إِلَيْهِ كتابا، فلما قدموا على عثمان قتل العكي وحبس ابْنيه، فلما بلغته هزيمة عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ أخرجهما فقتلهما وَكَانَ عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ قَدْ خشي أن لا تناصحه أَهْل خراسان فقتل منهم نحوا من سبعة عشر ألفا، ثُمَّ اقتتلوا خمسة أشهر أو ستة، وعمل لأبي مسلم عريشا، فكان يجلس عليه إذا التقى النّاس فينظر إِلَى القتال، فإن رأى خللا فِي أصحابه أصلحه، ثُمَّ إن أصحاب عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ انهزموا وتركوا عسكرهم، فاحتواه أَبُو مسلم، وكتب بذلك إِلَى أبي جعفر، ومضى عَبْد اللَّه وعَبْد الصَّمَدِ بْن عَلِيّ، وكانا مَعَ عَبْد اللَّه.
وأما عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ فأتى سليمان بْن عَلِيّ بالبصرة، فأقام عنده، وأمن أَبُو مسلم الناس، فلم يقتل أحدا.
وفي هذه السنة: قتل أَبُو مسلم.
وَكَانَ سبب ذلك أن أبا مسلم كَانَ قَدْ كتب إِلَى أبي الْعَبَّاس يستأذنه فِي الحج فِي سنة ست وثلاثين، وإنما أراد أن يصلي بالناس فأذن لَهُ، وكتب أَبُو الْعَبَّاس إِلَى أبي جعفر وَهُوَ على الجزيرة: أن أبا مسلم سألني الحج فاكتب إلي تستأذنني فِي ذلك، فإنك إذا كنت بمكة لم يطمع أن يتقدمك، فكتب إِلَيْهِ، فأذن لَهُ. فَقَالَ أَبُو مسلم: أما وجد أَبُو ٣/ أجعفر عاما يحج فِيهِ/ غير هَذَا!! واضطغنها عليه، فخرجا فكان أَبُو مسلم يصلح العقاب، ويكسو الأعراب فِي كل منزل، ويصل كل من سأله، وحفر الآبار، وسهل الطريق، وَكَانَ الصيت له.