للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفل. وأقام ذو الكفل عمره بالشام حَتَّى مَات وَهُوَ ابْن خمس وسبعين/ سَنَة [١] .

[ذكر خبر أسا بْن إبيا وزرح الهندي] [٢]

قَالَ وهب بْن منبه: كَانَ ملك من ملوك بَنِي إسرائيل يقال لَهُ «أسا بْن [٣] أبيا» ، وَكَانَ رجلا صالحا. وَكَانَ [ملك] [٤] من ملوك الهند يقال لَهُ «زرح» ، وَكَانَ جبارا فاسقا يدعو النَّاس إِلَى عبادته. وَكَانَ أسا لما ملك بعث مناديا فنادى: ألا إِن الكفر قَدْ مَات وأهله، وعاش الإيمان وأهله، وانتكست الأصنام وعبادتها، وظهرت طاعة اللَّه وأعمالها، فليس كافر من بني إسرائيل يطلع رأسه بَعْد اليوم بكفر فِي ولايتي إلا قتلته. فَإِن الطوفان لَمْ يغرق الدنيا وأهلها، وَلَمْ يخسف القرى بمن فِيهَا، وَلَمْ تمطر الحجارة والنار من السماء إلا بترك طاعة اللَّه وإظهار معصيته، فمن أجل ذَلِكَ يعمل بها ولا تترك طاعة إلا أظهرنا جهدنا، حَتَّى تطهر الأَرْض من نجسها وننقيها من دنسها، ونجاهد من خالفنا فِي ذَلِكَ بالحرب والنفي من بلادنا.

فلما سمع قومه ذَلِكَ ضجوا وكرهوا [٥] ، فأتوا أمه [٦] فشكوا إِلَيْهَا فعله، فأتته فعاتبته عَلَى ذَلِكَ ووبخته إذ دعا قومه إِلَى ترك دينهم.

فغضب ودعاها إِلَى الصواب فأبت، فَقَالَ: إِن قولك هَذَا قَدْ قطع مَا بيني وبينك.

ثُمَّ أمر بإخراجها وتغريبها، وَقَالَ لصاحب شرطته إِن هِيَ ألمت بِهَذَا المكان فاقتلها.

فلما رأى قومه مَا فعل بأمه ذلوا وأذعنوا لَهُ بالطاعة واحتالوا لَهُ بكل حيلة، فحفظه


[١] سقطت هنا أخبار داود عليه السلام، ولقمان الحكيم، وسليمان عليه السلام، وقد سقطت أيضا من المختصر، ومما يدل على أن المصنف لم يغفل ذكرها أن سبطه ذكر في قصة داود في مرآة الزمان ١/ ٤٨٤ إشارة جده إلى حادثة من الحوادث في المنتظم.
وقد ذكرها ابن الجوزي في مختصرة.
[٢] تاريخ الطبري ١/ ٥١٧، وعرائس المجالس ٣٢٨، ومرآة الزمان ١/ ٥٣٩.
وما بين المعقوفتين مكانه في الأصل بياض، وما أوردناه من المختصر.
[٣] «أسا» : ضبطه ابن خلدون بضم الهمزة وفتح السين المهملة وألف بعدها.
[٤] ما بين المعقوفتين من الهامش.
[٥] في الأصل ضجرا وكرها.
[٦] في تاريخ الطبري ١/ ٥١٨: «فأتوا أم أسا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>