للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو الحسين بْن أبي عمر القاضي، وابن الحباب الجوهري إلى القاهر، وَكَانَ قد طلب شاهدين ليشهدا على أم المقتدر بتوكيلها في بيع أملاكها، فدخلنا على القاهر فسلمنا ووقفنا، فدفع إلينا بعض الخدم كتابا أوله أقرت شغب مولاة المعتضد أم جعفر المقتدر فإذا هو وكالة في بيع أملاكها، فقلنا للخادم: وأين هي؟ فَقَالَ وراء الباب: فاستأذنا الخليفة في خطابها، فقال: افعلوا، فقلنا: أنت هاهنا حتى نقرأ عليك؟ قالت: نعم، فقرأنا الكتاب عليها وقررناها، ثم وقفنا عن كتب الشهادة طلبا لرؤيتها، فَقَالَ الخليفة:

ما لكم؟ قلنا: يا أمير المؤمنين لا يصح لنا الشهادة دون أن نرى المرأة بأعيننا ونعرفها، فَقَالَ: افعلوا، فسمعنا من وراء الستارة بكاء ونحيبا، ورفعت الستارة فقلنا لها: أنت شغب مولاة المعتضد وأم المقتدر؟ فسكتت ساعة [١] ، ثم قالت: نعم، فقررناها وأسبل الستر فوقفنا عن الشهادة، فَقَالَ القاهر [٢] : فأيش بقي؟ قلنا: تعرف يا أمير المؤمنين أنها شغب، فَقَالَ: نعم هذه شغب مولاة أبي وأم أخي، وأوقعنا خطوطنا في الكتاب. ولما رأيناها رأينا عجوزا دقيقة الجسم [٣] ، سمراء اللون إلى البياض والصفرة، عليها أثر ضر شديد [٤] ، فما انتفعنا بأنفسنا ذلك اليوم فكرا في تقلب الزمان وتصرف الحدثان، وجئنا وأقمنا الشهادة عند أبي الحسين القاضي.

قَالَ مؤلف الكتاب [٥] : وتوفيت بعد قتل المقتدر بسبعة أشهر وثمانية أيام، وكأنها توفيت في جمادى الأولى من هذه السنة، ودفنت بالرصافة.

٢٣٢٥- جارية شغب أم المقتدر باللَّه:

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي البزاز، عن أبي قاسم [٦] عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حدثني أَبُو الفرج أَحْمَد بْن عثمان بْن إبراهيم الفقيه المعروف


[١] في ك: «فسكتت فبكت» .
[٢] في ك: «فقال الخليفة» .
[٣] في ص: «دقيقة الجبين» .
[٤] في ك، ت: «عليها أثر ضرب» .
[٥] في ت: «قال المصنف» .
[٦] في ك: «قال أنبأنا أبو القاسم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>