للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الحوادث حرب الحواريين بعد رفع عِيسَى عَلَيْهِ السلام]

[١] قَالَ ابن إِسْحَاق: لما قصدت اليهود عِيسَى عليه السلام فصلبوا الذي شبه به عدوا عَلَى الحواريين فشمسوهم [٢] وعذبوهم وطافوا بهم، فسمع بذلك ملك الروم- وكانوا تحت يده، وكان صاحب وثن- فقيل له: إن رجلا كان فِي هَؤُلاءِ الناس الذين تحت يديك [٣] من بني إسرائيل عدوا عَلَيْهِ فقتلوه، وكان يخبرهم أنه رسول اللَّه، قد أراهم العجائب، وأحيا لهم الموتى، وأبرأ لهم الأسقام، وأخبرهم بالغيوب. قَالَ: ويحكم فما منعكم أن تذكروا هذا لي، فو الله لو علمت فما خليت بينهم وبينه. ثم بعث فانتزع الحواريين من أيديهم، وسألهم عَنْ دين عِيسَى وأمره، فأخبروه خبره، فبايعهم عَلَى دينهم، وأخذ الخشبة التي صلب عليها فأكرمها وصانها لما مسّها منه. وقتل فِي بني إسرائيل قتلى كثيرة، فمن هنالك كان أصل النصرانية فِي الروم [٤] .

قَالَ وهب بْن منبه: اجتمع الحواريون بعد رفع عِيسَى، فقالوا: نريد أن نخرج دعاة فِي الأرض، وكان ممن توجه إِلَى الروم: نسطور، وصاحبان له.

فأما نسطور فحبسته حاجة، فَقَالَ لصاحبيه: أرفقا ولا تحرقا ولا تستبطئاني. فلما قدما الكورة، إذا قوم فِي يوم عيدهم، وقد برز ملكهم وأهل مملكته، فأتاه الرجلان فقاما بين يديه فقالا له: اتق اللَّه، فإنكم تعملون بالمعاصي وتنتهكون حرم اللَّه. فغضب الملك وهمّ بقتلهما، فقام إليه نفر من أهل مملكته، فقالوا: إن هَذَا يوم لا تهريق فيه دماء، وقد ظفرت بصاحبيك، فإن أحببت أن تحبسهما حَتَّى يمضي عيدنا ثم ترى فيهما رأيك فعلت.

فأمر بحبسهما، ثم ضرب عَلَى أذنه [٥] بالنسيان لهما حتى قدم نسطور، فسأل


[١] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل وأثبت على الهامش. والعنوان: «ذكر حوادث حرب الحواريين بعد رفع عِيسَى عليه السلام» مكانه بياض في ت.
[٢] في ت: «فشتموهم» .
[٣] في ت: «تحت يدك» .
[٤] نقله الطبري عن ابن إسحاق (١/ ٦٠٤) . وانظر كذلك الكامل ١/ ٢٤٥، ٢٤٦. والبداية والنهاية ٢/ ٩٥، ٩٦.
[٥] في ت: «ثم ضربت على أذنيه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>