للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثلك؟ ألم أكتب إلى ابن أبي بردة قاضي الكوفة ألا يقطع أمرا دونك؟ قلت: كل ذلك قد كان أصلح الله الأمير، قال: فما الذي أخرجك؟ قلت: أحزن بنا المنزل، وضاق بنا المسلك، وأجدب [بنا] الجناب، واكتحلنا السهر، واستشعرنا الخوف، ووقعنا في حرب والله ما كنا فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء، فقال: صدق، أطلقا عنه. فقال:

وأمرني بلزوم بابه.

[وفي هذه السنة بنى الحجاج واسط القصب [١]]

وكان سبب ذلك أن الحجاج ضرب البعث على أهل الكوفة إلى خراسان، فعسكروا بحمام عمر [٢] . وكان فتى من أهل الكوفة حديث عهد بعرس، فانصرف إلى منزله ليلا، فإذا سكران من أهل الشام قد طرق الباب، فقالت المرأة: هذا كل ليلة يأتينا فنلقى منه المكروه، فلما دخل ضرب الفتى رأسه فأندره، فلما أصبحوا علم الناس بالقتيل، فذهبوا به إلى الحجاج، فسأل المرأة فصدقته، فقال: قتيل إلى النار، لا قود له. ثم نادى مناديه: لا ينزلن أحد على أحد، وبعث روادا يرتادون له منزلا حتى نزل أطراف كسكر. فبينا هو في موضع واسط إذا راهب قد أقبل على حماره، فلما كان في موضع واسط بالت الأتان، فنزل الراهب فاحتفر الأرض وحمل التراب فرمى به في دجلة [٣] ، فقال الحجاج: علي به، فجيء به، فقال: ما حملك على ما صنعت؟

قال: نجد في كتبنا أنه يبنى في هذا الموضع مسجد يعبد الله عز وجل فيه ما دام في الأرض من يوحد [٤] ، فبنى المسجد في ذلك الموضع.

أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور، قال: أخبرنا الحسين بن هارون الضبي، قال: في كتاب والدي عن البيهقي، قال: أخبرني الرياشي، قال:


[١] تاريخ الطبري ٦/ ٣٨٣.
[٢] في الأصول: «حمام عمره» وما أوردناه من الطبري.
[٣] كذا في الأصول: «فاحتفر ذلك البول فرمى به في دجلة» .
[٤] في الأصول: «فيه كما إن في الأرض من يوحده» . وما أوردناه من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>