للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفِي هذه السنة بايع عمرو بن العاص معاوية ووافقه على محاربة علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

[١] وكان السبب أنه لما أحيط بعثمان خرج عمرو بن العاص من المدينة، وقَالَ: من لم يستطع نصر هذا الرجل فليهرب، فسار وسار معه ابناه، فبينما هو فِي بعض الأماكن مر به راكب، فقَالَ: ما الخبر؟ قَالَ: تركت الرجل محصورا، ثم مكثوا أياما فمر بهم راكب، فقَالَ: قتل عثمان وبويع لعلي.

فارتحل عمرو وابناه يبكي بكاء المرأة ويقول: وا عثماناه، حتى نزل دمشق، وبلغه مسير طَلْحَة والزبير وعائشة، فقَالَ: استأن وانظر ما يصنعون، فأتاه الخبر بأن طَلْحَة والزبير قتلا، فارتج عليه أمره، فقيل له: إن معاوية يحرض على الطلب بدم عثمان، ٣٨/ ب فقَالَ لابنيه: ما تريان؟ فقَالَ عَبْد اللَّهِ: أرى أن تكف يدك وتجلس فِي بيتك/ حتى يجتمع الناس على إمام فتبايعه، فقَالَ مُحَمَّد: أنت ناب من أنياب العرب، فلا أرى أن يجتمع هذا الأمر وليس لك فيه صوت ولا ذكر، فقَالَ: أما أنت يا عَبْد اللَّهِ فأمرتني بما هو خير لي فِي آخرتي، وأسلم لي فِي ديني. وأما أنت يا مُحَمَّد فأمرتني بالذي هو أنبه لي فِي دنياي وشر لي فِي آخرتي.

ثم خرج عمرو حتى قدم على معاوية، فرأى أهل الشام يحضون معاوية على الطلب بدم عثمان، فقَالَ: عمرو: أنتم على الحق، اطلبوا بدم الخليفة المظلوم- ومعاوية لا يلتفت إليه- فدخل إلى معاوية فقَالَ له: والله إن أمرك لعجب، لا أراك تلتفت إلى [هؤلاء] [٢] ، أما إن قاتلنا معك فإن فِي النفس ما فيها حتى نقاتل من تعلم فضله وقرابته، ولكنا إنما أردنا هذه الدنيا، فصالحه معاوية بعد ذلك وعطف عليه.

وفِي هذه السنة [خروج علي بن أبي طالب إلى صفين

] [٣] خرج علي رضي الله عنه فعسكر بالنخيلة، وقدم عَبْد اللَّهِ بن عباس ثم نهض معه


[١] تاريخ الطبري ٤/ ٥٥٨.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٣] تاريخ الطبري ٤/ ٥٦٣، وما بين المعقوفتين غير موجود بالأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>