للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنذر- وكان جارا لعبد الله بن إدريس- قَالَ: حج الرشيد ومعه الأمين والمأمون، فدخل الكوفة، فقال لأبي يوسف: قل للمحدثين يأتونا فيحدثونا. فلم يتخلف عنه من شيوخ أهل الكوفة إلا اثنان: عبد الله بن إدريس، وعيسى بن يونس، فركب الأمين والمأمون إلى عَبْد الله بن إدريس فحدثهما بمائة حديث، فقال المأمون لعبد الله: يا عم، أتأذن لي أن أعيدها عليك من حفظي؟ قَالَ: افعل. فأعادها كما سمعها، وكان ابن إدريس من أهل الحفظ يقول: لولا أني أخشى أن ينفلت مني القرآن لدونت [١] العلم. فعجب عبد الله من حفظ المأمون. وقَالَ المأمون: يا عم، إلى جانب مسجدك دار، إن أردت اشتريناها ووسعنا بها المسجد. فقال: ما لي إلى هذا حاجة، قد أجزى من كان قبلي وهو يجزيني. فنظر إلى قرح في ذراع الشَّيْخ، فَقَالَ: إن معنا أطباء وأدوية، أتأذن لي أن أجيئك بمن يعالجك؟ قَالَ: لا، قد ظهر بي مثل هذا وبرأ. فأمر له بمال فأبى أن يقبله.

وصار إلى عيسى/ بن يونس فحدثه، فأمر له المأمون بعشرة آلاف درهم، فأبى أن يقبلها، فظن أنه استقلها، فأمر له بعشرين ألفا، فقال عيسى: والله ولا أهليلجة، ولا شربة ماء عَلَى حَدِيث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، ولو ملأت لي هذا المسجد ذهبا إلى السقف.

فانصرفا من عنده.

وعن حسين بن عمرو المنقري قَالَ: لما نزل بابن إدريس الموت بكت ابنته، فَقَالَ: لا تبكي، فقد ختمت في هذا البيت أربعة آلاف ختمة.

توفي ابن إدريس في هذه السنة [٢] .

١٠٥١- علي بن ظبيان، أبو الحسن العبسي، الكوفي

[٣] .

تقلد قضاء الشرقية، ثم ولي قضاء القضاة في أيام الرشيد. وكان يجلس في المسجد الَّذِي ينسب إلى الخلد فيقضي فيه. وحدث عَن عبيد الله بن عمر العمري، وإسماعيل بن أبي خَالِد، وعَبْد الملك بن أبي سُلَيْمَان. روى عنه: داود بن رشيد. وقد ضعفه بعض أصحاب الحديث. وقَالَ بعضهم: لا بأس به [٤] .


[١] في الأصل: «لدونت» .
[٢] تاريخ بغداد ٩/ ٤٢١.
[٣] تاريخ بغداد ١١/ ٤٤٣. والبداية والنهاية ١٠/ ٢٠٩.
[٤] تاريخ بغداد ١١/ ٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>