للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أنه ذهب إِلَيْهِ ثَلاثُونَ نفسا، فسألوه أن ينزل عَنِ الخلافة، فلم يفعل، فخرجوا فأخبروا المنصور أنه قَدْ نزل وشهدوا عليه بذلك، فكتب بذلك إلى الأنبار، فلما أنكر شهدوا عليه.

والرابع: أن سالم بْن قتيبة أشار عليه بذلك فقبل منه.

والخامس: أنه بذل لَهُ مال فخرج إِلَى الناس، فَقَالَ: / قَدْ بعت نصيبي من مقدمة ولاية العهد من أمير المؤمنين لابْنه المهدي بعشرة آلاف ألف درهم وثلاثمائة ألف بين يدي ولدي فلان وفلان وسبعمائة ألف من فلانة- امرأة من نسائه- بطيب نفس مني، لأنه أولى بها مني وأحق، فما أدعيه بعد يومي هَذَا فإني فِيهِ مبطل. وكساه أَبُو جَعْفَر وكسا أولاده بقيمة ألف ألف درهم ومائتي ألف درهم، وَكَانَ ولاية عيسى الكوفة وسوادها وما حولها ثلاث عشرة سنة، حتى عزل مُحَمَّد بْن سليمان حين امتنع من تقديم المهدي عَلَى نفسه.

وَقَالَ المنصور للمهدي لما عهد إِلَيْهِ: يا أبا عَبْد اللَّه، استدم النعمة بالشكر والقدرة بالعفو، والطاعة بالتألف، والنصر بالتواضع، ولا تبرم أمرا حَتَّى تفكر فِيهِ، فإن فكر العاقل مرآته تريه حسنه وسيئه. واعلم أنه لا يصلح السلطان إلا بالتقوى، ولا يصلح رعيته إلا بالطاعة، ولا تعمر البلاد بمثل العدل، ولا تدوم نعمة السلطان وطاعته إلّا بالمال، وأقدر الناس عَلَى العفو أقدرهم عَلَى العقوبة، وأعجز الناس من ظلم من هو دونه، واعتبر عمل صاحبك وعلمه باختباره، ومن أحب الحمد أحسن السيرة، وليس العاقل الّذي يحتال للأمر الَّذِي وقع فِيهِ حَتَّى يخرج منه، ولكن هو الَّذِي يحتال للأمر الَّذِي غشيه حَتَّى لا يقع فِيهِ.

وَقَالَ لَهُ يوما: كم دابة عندك؟ قَالَ: لا أدري. قَالَ: هذا والله التضييع، أنت لأمر الخلافة أشد تضييعا.

وفي هذه السنة: ولى أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس ابْن أخيه البصرة، فاستعفى منها فأعفاه، فانصرف عنها إلى مدينة النبي صلّى الله عليه وسلّم، فمات بها. واستخلف عَلَى البصرة عقبة بْن مسلم، وأقره أَبُو جَعْفَر عَلَيْهَا.

وَفِيهَا: ضرب مالك بْن أنس.

أَنْبَأَنَا زاهر بْن طاهر قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الحسين البيهقي قال: سمعت أبا أحمد

<<  <  ج: ص:  >  >>