للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا خير من حملت على أوصالها ... غير أنه سرح اليدين غشوم

إني لمعتذر إليك من الذي ... أسديت أذنا في الضلال أهيم

أيام تأمرني بأسوأ خطة ... سهم وتأمرني بها مخزوم

/ وأمد أسباب الردى ويقودني ... أمر الغواة وأمرهم مشئوم

معنت العداوة وانقضت أسبابها ... وأتت أواصر بيننا وحلوم

فاغفر فدى لك والدي كلاهما ... وارحم فإنك راحم مرحوم

وعليك من سمة المليك علامة ... فوز أعز وخاتم مختوم

أعطاك بعد محبة برهانه ... شرفا، وبرهان الإله عظيم

١٨٦- المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب أبو سفيان [١] :

كان أخا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ من الرضاعة، أرضعته حليمة أياما، وكان يألف رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ ويشبه بِهِ، فلما بعث رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عاداه وهجاه وهجا أصحابه. وكان شاعرا، فمكث عشرين سنة عدوا لرسول الله صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، ولا يتخلف عن موضع تسير فيه قريش لقتال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فلما تحرك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ للخروج إلى غزاة الفتح ألقى الله في قلبه الإسلام، فجاء إلى زوجته وولده فقال: تهيأوا للخروج فقد أظل قدوم محمد، فقالوا له:

آن لك أن تنصر العرب والعجم قد تبعت محمدا وأنت موضع في عداوته، وكنت أولى الناس بنصرته، فخرج يريد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قد نذر دمه، فلقي رسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فأعرض عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم، فتحول إلى الجانب الآخر فأعرض عنه، فقال: أنا مقتول لا محالة، فأسلم وخرج معه حتى شهد فتح مكة وحنينا.

قال: فلما لقينا العدو بحنين اقتحمت عن فرسي وبيدي السيف صلتا والله يعلم أني أريد الموت دونه، وهو ينظر إلي، فقال العباس: يا رسول الله، هو أخوك وابن عمك أبو سفيان بن الحارث فارض عنه، قال: «قد فعلت» ، فغفر الله له كل عداوة عدانيها، ثم التفت إلي فقال: أخي، لعمري، فقبلت رجله في الركاب، وقلت: لا تثريب، قال: لا تثريب.


[١] طبقات ابن سعد ٤/ ١/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>