للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عسكره، وأخرب أبو عبيد ما كان/ حول معسكرهم من كسكر، وجمع الغنائم، وأخذ خزائن نرسي. وأقام أبو عبيد، وسرح المثنى إلى باروسما، وبعث والقا إلى الزوابي، وعاصما إلى نهر جوبر، فهزموا من كان تجمع، وأخربوا وسبوا، وكان مما أخرب المثنى وسبى أهل زندورد. وجاءوا إلى أبي عبيد بطعام أكرموه به، فقال: أكرمتم الجند كلهم بمثل هذا؟ قالوا: لا، قَالَ: بئس المرء أبو عبيد، إن صحب قوما فاستأثر عليهم، لا والله لا نأكل إلا مثل ما يأكل أوساطهم

. [وقعة القرقس]

[١] ثم جاء بهمن جاذويه ومعه راية كسرى والفيل، فقال لأبي عبيد: إما أن تعبروا إلينا، وإما أن تدعونا نعبر إليكم، فقال الناس: لا تعبر أبا عبيد، فقال: لا يكونوا أجرأ على الموت منا، بل نعبر، فعبروا إليهم واقتتلوا- وأبو عبيد فيما بين التسعة والعشرة- وكانت الخيول إذا نظرت إلى الفيلة عليها الحلية والخيل [٢] عليها التجافيف [٣] لم تقدم خيولهم، وإذا حملوا على المسلمين فرقوهم [٤] ورموهم بالنشاب.

فترجل أبو عبيد والناس، ثم قال للناس: أقصدوا الفيلة، وواثب هو الفيل الأبيض، فتعلق ببطانه فقطعه، وفعل القوم مثل ذلك، فما تركوا فيلا إلا حطوا رحله، وقتلوا أصحابه، وقتل من المشركين ستة آلاف في المعركة، ولم ينتظروا غير الهزيمة، فأهوى أبو عبيد، فنفخ مشفر الفيل بالسيف، فخبطه الفيل.

وكان أبو عبيد لما رأى الفيل، قال: ما هذا؟ ولم يكن رآه قط، فقالوا: هذا الفيل، فارتجز وقال:

يا لك من ذي أربع ما أكبرك. ... يا لك من يوم وغى ما أمكنك


[١] تاريخ الطبري ٣/ ٤٥٤. ويقال لها: الناطق، والجسر، والمروحة» .
[٢] في تاريخ الطبري ٣/ ٤٥٦: «عليها النخل والخيل» .
[٣] التجافيف: من آلات الحرب، يوضع على الفرس تبقى بها كالدرع للإنسان.
[٤] في الأصل: «مزقوهم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>