للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب أبو بكر إلى خالد أن يلحق بهم، وأمره أن يخلف على العراق المثنى، فوافاهم في ربيع، وأمد هرقل الروم بباهان، فطلع عليهم وقد قدم قدامه الشمامسة والرهبان والقسيسين [١] يحضونهم [٢] على القتال، فوافى قدومهم قدوم خالد، فقاتل خالد باهان، وقاتل الأمراء من يليهم، فهزم باهان، وتتابعت الروم على الهزيمة، فاقتحموا خندقهم. وكان المشركون مائتي ألف وأربعين ألفا، منهم ثمانون ألف مقيد، وأربعون ألفا مسلسل للموت، وأربعون ألفا مربطون بالعمائم للموت، وثمانون ألف فارس، وثمانون ألف راجل. وكان المسلمون سبعة وعشرين ألفا إلى أن قدم خالد في تسعة آلاف، فصاروا ستة وثلاثين ألفا. وقيل: ستة وأربعين ألفا، فمرض أبو بكر رضي الله عنه، وتوفي قبل الفتح بعشر ليال

. ذكر خبر اليرموك

[٣] لما اجتمع القوم باليرموك أخذ الرهبان يحرضونهم/ وينعون إليهم النصرانية، فخرجوا للقتال في جمادى الآخرة، فقام خالد في الناس، فقال: اجتمعوا وهلموا فلنتعاور الإمارة، فليكن عليها بعضنا اليوم، والآخر غدا، والآخر بعد غد، [حتى يتأمر كلكم] [٤] ، ودعوني اليوم إِلى أمركم، فإنا إن رددنا القوم إلى خندقهم لم نزل نردهم، وإن هزمونا لم نفلح بعدها.

فأمروه، فخرجت الروم في تعبية لم ير الراءون مثلها، وخرج خالد في ستة وثلاثين كردوسا [٥] إِلى أربعين، فجعل القلب كراديس، وأقام فيه أبا عبيدة، وجعل الميمنة كراديس وعليها عَمْرو بن العاص وفيها شرحبيل بن حسنة، وجعل الميسرة كراديس وعليها يزيد بن أبي سفيان، وكان على كردوس من كراديس العراق القعقاع بن عمرو، وعلى كردوس مذعور بن عدي، وعياض بن غنم على كردوس،


[١] في الأصل: «القساقسة» .
[٢] في الأصل: «يحرضونهم، وفي الطبري يمغرونهم ويحضضونهم» .
[٣] تاريخ الطبري ٣/ ٣٩٤.
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري ٣/ ٣٩٦.
[٥] الكردوس: القطعة العظيمة من الخيل، يقال: كردوس القائد خيلة، أي جعلها كتيبة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>