للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ أَنّ رَسُولَ الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ [فِي بَيْتِي] وَفِي يَوْمِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَدَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَبِيَدِهِ سِوَاكٌ وَأَنَا مِسْنَدَةٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ وَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نعم، فناولته فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ، فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَلَيَّنْتُهُ وَأَخَذَهُ فَأَمَرَّهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ- أَوْ عُلْبَةٌ يَشُكُّ عَمْرٌو- فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَيَقُولُ: «لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٌ» [١] ، ثُمَّ يَصُبُّ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: «في الرفيق الأعلى» ، حتى قبض/ وَمَالَتْ يَدَهُ.

[ومن ذلك أنه عاتب نفسه على كراهة الموت.]

أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابن حيويه، أخبرنا ابن معروف، أخبرنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَن أَبِي الْحُوَيْرِثِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ لَمْ يَشْتَكِ شَكْوَى إِلا سَأَلَ اللَّهَ الْعَافِيَةَ حَتَّى كَانَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فيه، فإنه لَمْ يَكُنْ يَدْعُو بِالشِّفَاءِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: «يَا نَفْسُ مَالَكِ تَلُوذِينَ كُلَّ مَلاذٍ»

. ومن الحوادث عند موته صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وصيته بالصلاة

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الَقاضِي أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ أَخِي سُمَيٍّ، حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الْبَلَدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَتْ وصية رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: «الصَّلاةُ وَمَا مَلَكَتْ أيمانكم» حتى جعل رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ يُغَرْغِرُ بِهَا فِي صَدْرِهِ، وَمَا يَفِيضُ بِهَا لسانه.


[١] في الأصل: «للموت حسرات» .

<<  <  ج: ص:  >  >>