نحن فِي أفضل السرور ولكن ... ليس إلا بكم يتم السرور
عيب مَا نحن فِيهِ من أَهْل ودي ... أنكم غيب ونحن حضور
فأجدوا فِي السير بل إن قدرتم ... أن تطيروا مَعَ الرياح فطيروا
فأجابته، أو قالت لمن أجابه:
قَدْ أتانا الَّذِي وصفت من الشوق ... فكدنا وما فعلنا نطير
ليت إن الرياح كن تؤدين ... إليكم مَا قَدْ يجن الضمير
لم أزل صبة فإن كنت بعدي ... فِي سرور فدام ذاك السرور
توفيت الخيزران ليلة الجمعة لثلاث بقين من جمادى الآخرة من هَذِهِ السنة، ودفنت بمقابر قريش.
وروى يَحْيَى بْن الْحَسَن أن أخاه حدثه قَالَ: رأيت الرشيد يوم ماتت الخيزران وعليه طيلسان أزرق قَدْ شد به وسطه وَهُوَ آخذ بقائمة السرير حافيا يعدو فِي الطين حَتَّى أتى مقابر قريش فغسل رجليه ودعا بخف، فصلى عَلَيْهَا ودخل قبرها، فلما خرج من المقبرة وضع لَهُ كرسي فجلس عليه، ودعا الفضل بْن الربيع وَقَالَ لَهُ: وحق المهدي- وكان لا يحلف بها إلا إذا اجتهد- إني لأهم بالشيء لك من التولية [١] وغيرها فتمنعني أمي فأطيع أمرها، فخذ الخاتم من جَعْفَر وولي الفضل نفقات العامة والخاصة وبادوريا والكوفة، فتمت حاله، وانصرف الرشيد من جنازتها يتمثل بقول متمم بْن نويرة:
كنا كَنَدْمَانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَة ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لن تتصدعا
١٥٦/ ب/ فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نبت ليلة معا
وكانت غلة الخيزران ألف ألف وستين ألف درهم، فاتسع الرشيد بغلتها وأقطع الناس من ضياعها.
٩٣٤- سعد بْن عَبْد اللَّه بْن سعد، أَبُو عُمَر المعافري.
روى عنه عَبْد اللَّه بْن وهب، ويقال هو الَّذِي أعان ابْن وهب عَلَى تصنيف كتبه، وكانت لَهُ عُبَادة وفضل. تُوُفِّيَ بالإسكندرية في هذه السنة.
[١] في الأصل: «لأهم بالشيء لك من الليل من التولية» .