فقَالَ معاذ بن حصين: إذا قلتما هذا وأنتما سيدا المسلمين، فمن يرأس المسلمين وليس كلكم يصلح لهذا الأمر، وإنما ينبغي أن يلي على المسلمين إذا كانوا سواء فِي الفضل أبصرهم بالحرب، وأفقههم فِي الدين، وأنتما بحمد الله ممن يرضى بهذا الأمر فليتوله أحدكما، قالا: فتوله أنت، فقد رضيناك، فأنت والحمد للَّه الكامل فِي دينك ورأيك.
فقَالَ: أنتما أسن مني، فليتوله أحدكما. فقَالَ جماعة من الخوارج: قد رضينا بكم أيها الثلاثة، فولوا أيكم أحببتم، فليس فِي الثلاثة رجل قَالَ لصاحبه: تولها فإني بك راض، ثم بايعوا المستورد، وذلك فِي جمادى الآخرة، / ثم أجمعوا على الخروج في غرة ٧٩/ ب هلال شعبان سنة ثلاث وأربعين.
وفِي هذه السنة قدم زياد على معاوية [١]
من فارس بعد أن كان قد امتنع بقلعة من قلاعها أكثر من سنة، فصالحه معاوية على مال يحمله إليه.
وكان سبب ذلك، أن عَبْد الرَّحْمَنِ بن أبي بكرة كان يلي ما كان لزياد بالبصرة، فبلغ معاوية أن لزياد أموالا عند عَبْد الرَّحْمَنِ، وخاف زياد على أشياء كانت فِي يدي عَبْد الرَّحْمَنِ لزياد، فكتب إليه يأمره بإحرازها، وبعث معاوية المغيرة بن شعبة لينظر فِي أموال زياد، فقدم البصرة، وأخذ عَبْد الرَّحْمَنِ وكتب إلى معاوية: إني لم أصب فِي يدي عَبْد الرَّحْمَنِ شيئا يحل لي أخذه، وكتب معاوية إلى زياد: علام تهلك نفسك أقبل فأعلمني علم ما صار إليك من المال وما خرج من يديك وما بقي عندك وأنت آمن فأتاه فأخبره فصدقه، ثم سأله أن يأذن له فِي نزول الكوفة، فأذن له فشخص إليها.
وفِي هذه السنة حج بالناس عنبسة بن أبي سفيان وفيها: ولد الحجاج بن يوسف.