فارس وخراسان والجبال، فقال لي: وما يدريك يا مجوسي؟ قلت: هو كما أقول فاذكر لي هذه البشرى، قال: إن قضي شيء فسوف يكون، قال: فقلت: قد قضاه الله من السماء فطب نفسا، فطلبت دواة فوجدتها فكتب لي: بسم الله الرحمن الرحيم، يا نوبخت إذا فتح الله على المسلمين، وكفاهم مئونة الظالمين، ورد الحق إلى أهله لم نغفل عما يجب من حق خدمتك إيانا. وكتب: أبو جعفر.
قال نوبخت: فلما ولي الخلافة صرت إليه وأخرجت الكتاب، فقال: أنا له ذاكر ولك متوقع، والحمد للَّه الذي صدق وعده وحقق الظن ورد الأمر إلى أهله.
وأسلم نوبخت وكان منجما لأبي جعفر ومولى.
[ذكر بيعة المنصور]
لما حضرت السفاح الوفاة أمر الناس بالبيعة لأخيه المنصور، فبويع له يوم توفي أخوه والمنصور يومئذ بمكة،. وكان الذي أخذ له البيعة بالعراق، وقام بأمر الناس عمه عيسى بن علي، وكتب إليه يعلمه بموت أخيه وبالبيعة له، فلما وصل الكتاب إليه دعا الناس فبايعوه وبايعه أبو مسلم.
[وقيل: بل عرف الخبر أبو مسلم][١] ، قبله، فأنفذ الكتاب إليه وتأخر عن بيعته يومين ليرهبه.
وفي رواية: أنه ورد عليه الخبر بعد ما صدر من الحج في منزل يقال له: صفية، فتفاءل باسمه، وقال: صفي أمرنا إن شاء الله. وجعل يجزع، فقال له أبو مسلم: ما هذا الجزع؟ قال: أتخوف من شر عبد الله بن علي وسعيد بن علي، قال: لا تخف وأنا أكفيك أمره إن شاء الله، إنما عامة جنده أهل خراسان وهم لا يعصوني، فسري عن أبي جعفر، وكان عبد الله بن علي قد قدم في هذه السنة على أبي العباس الأنبار، فعقد له على الصائفة في أهل خراسان وأهل الشام، وأهل الجزيرة والموصل، فسار فأتته وفاة أبي العباس، وبعث إليه عيسى بن علي، وأبو الجهم بن يزيد بن زياد ببيعة المنصور، فانصرف بمن معه إلى حرّان وبايع لنفسه.
[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.