للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عَنْ دينهم، ومنع اللَّه رسوله منهم لعمه أبي طالب، وقام أَبُو طَالِبٍ [١] فِي بني هاشم وبني عَبْد المطلب فدعاهم إِلَى ما هو عَلَيْهِ من منع رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم والقيام دونه، فاجتمعوا إليه، وقاموا معه فأجابوا إِلَى ما دعاهم إليه من الدفع عَنْ رسول الله، إلا ما كان من أبي لهب، فلما رأى أَبُو طَالِبٍ من قومه ما سره من جدهم وحدتهم عليه جعل يذكر فعل رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم ومكانه فيهم ليسدد لهم رأيهم [٢] .

ومن الحوادث العجيبه [٣] أن أكثم بْن صيفي الحكيم لما سمع بظهور رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم أراد أن يأتيه فمنعه قومه.

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْد الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَلَغَ أَكْثَمَ بْنَ صَيْفِيٍّ مَخْرَجُ النَّبِيَّ صَلَّىَ اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرَادَ أَنْ يَأْتِيَهُ فَأَبَى قَوْمُهُ أَنْ يَدَعُوهُ، وَقَالُوا:

أَنْتَ كَبِيرُنَا لَمْ يَكُنْ لِتَخِفَّ إِلَيْهِ. قَالَ: فَلْيَأْتِ مَنْ يُبَلِّغْهُ عَنِّي وَيُبَلِّغْنِي عَنْهُ، فَانْتُدِبَ رَجُلانِ فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالا: نَحْنُ رُسُلُ أَكْثَمِ بْنِ صَيْفِيٍّ، وَهُوَ يَسْأَلُكَ مَنْ أَنْتَ، وَمَا أَنْتَ، وَبِمَاذَا أُجِبْتَ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ تَلا عَلَيْهِمْ هَذِهِ الآَيَةَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ١٦: ٩٠ [٤] قَالا: رَدِّدْ عَلَيْنَا هَذَا الْقَوْلَ، فَرَدَّدَهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى حَفِظُوهُ قَالَ: فَلَمَّا أَتَيَا أَكْثَمَ قَالا: [٥] قَدْ سَأَلْنَاهُ عَنْ نَسَبِهِ فَوَجَدْنَاهُ وَاسِطَ النَّسَبِ فِي مُضَرٍ وَقَدْ رَمَى إِلَيْنَا كَلِمَاتٍ حَفِظْنَاهُنَّ فَلَمَّا سَمِعَهُنَّ أَكْثَمُ قَالَ: يَا قَوْمُ أَرَاهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاقِ، وَيَنْهَى عَنْ مَلائِمِهَا، فَكُونُوا فِي هَذَا الأَمْرِ رُؤَسَاءً، وَلا تَكُونُوا أَذْنَابًا، وَكُونُوا فِيهِ أُوَّلا وَلا تَكُونُوا فِيهِ أُخَّرًا، وَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَأَوْصَى فَقَالَ: أوصيكم


[١] «وقام أبو طالب» سقط من ت.
[٢] الطبري ١/ ٥٤٥ ط. دار الكتب العلمية.
[٣] بياض في ت مكان: «ومن الحوادث العجيبة» .
[٤] سورة: النحل، الآية: ٩٠.
[٥] في ت: «قال: فأتينا أكثم فقالا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>