للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول لتخطفكم كل شيء [١] . وقَالَ ابن السوداء: إذا التقى الناس غدا فانشبوا القتال، ولا تدعوهم يفرغون للنظر، فإذا من أنتم معه لا يجد بدا من أن يمتنع، فيشغل الله عليا وطَلْحَة والزبير، ومن رأى رأيهم عما تكرهون فتفرقوا على مثل ذلك والناس لا يشعرون.

وأصبح علي رضي الله عنه على ظهر، فمضى ومضى الناس، وقام علي فخطبهم وقَالَ: يا أيها الناس، كفوا أيديكم وألسنتكم عن هؤلاء القوم فإنهم إخوانكم، ومضى حتى أطل على القوم، فبعث إليهم حكيم بن سلامة، ومالك بن حبيب، فقَالَ: إن كنتم على ما فارقتم عليه القعقاع بن عمرو فكفوا وأقرونا ننزل وننظر فِي هذا الأمر، فقَالَ له الأحنف بن قيس: إن قومنا بالبصرة يزعمون أنك إن ظهرت عليهم ستقتل رجالهم وتسبي نساءهم. فقَالَ: ما مثلي يخاف هذا منه، وهل يحل هذا إلا ممن تولى وكفر، وهم قوم مسلمون، فهل أنت مغن عني قومك؟ قَالَ: نعم، فاختر مني واحدة من اثنتين، إما أن آتيك فأكون معك بنفسي، وإما أن أكف عنك عشرة آلاف سيف.

فرجع إلى الناس فدعاهم إلى القعود وارتحل حتى نزل بحذاء القوم والناس لا/ ٣٣/ أيشكون فِي الصلح، ومع عائشة ثلاثون ألفا، ومع علي عشرون ألفا، فلما نزل الناس واطمأنوا خرج علي وخرج طَلْحَة والزبير، فتواقفوا، وتكلموا فيما اختلفوا فيه، فلم يجدوا أمرا هو أمثل من الصلح ووضع الحرب، فافترقوا عن موقفهم على ذلك، ورجع علي إلى عسكره، ورجع وطَلْحَة والزبير إلى عسكرهما.

[أمر القتال]

وبعث علي [٢] من العشي عَبْد اللَّهِ بن عباس إلى طَلْحَة والزبير، [وبعثاهما من العشي مُحَمَّد بن طَلْحَة إلى علي، وأن يكلم كل واحد منهما أصحابه، فقالوا: نعم، فلما أمسوا] [٣] أرسل طَلْحَة والزبير إلى رؤساء أصحابهما، وأرسل علي إلى رؤساء أصحابه، ما خلا أولئك الذين هضبوا على عثمان، فباتوا على الصلح، وباتوا بليلة لم


[١] في الأصل: «لتخطفكم الناس» .
[٢] تاريخ الطبري ٤/ ٥٠٦.
[٣] ما بين المعقوفتين: في الأصل «وبعثا إليه محمد بن طلحة» وما أوردناه من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>