للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغزو، واستأذن السلطان، فكتب له منشور من دار الخلافة وأعطى منحوقا، واجتمع إليه لفيف كثير، وقصد في هذا اليوم جامع المدينة للصلاة فيه وقراءة المنشور، فاجتاز بباب الشعير وخرج منه إلى طاق الحراني وعلى رأسه المنحوق وبين يديه الرجال بالسلاح، فصاح من بين يديه العوام بذكر أبي بكر وعمر، وقالوا: هذا يوم مغازي، فنافرهم أهل الكرخ ورموهم، وثارت الفتنة، ومنعت الصلاة، ونقبت دار المرتضى فخرج منها مرتاعا منزعجا، فجاءه جيرانه من الأتراك فدافعوا عنه وعن حرمه، وأحرقت إحدى سميريتيه، ونهبت دور اليهود وخانتاراتهم، وطلبوا لأنه قيل عنهم إنهم أعانوا أهل الكرخ، فلما كان من الغد اجتمع عامة أهل السنة من الجانبين، وانضاف إليهم كثير من الأتراك/ وقصدوا الكرخ، فأحرقوا وهدموا الأسواق، وأشرف أهل الكرخ على خطة عظيمة وكتب الخليفة إلى الملك والأصفهلارية [١] ينكر ذلك عليهم إنكارا شديدا، وينسب إليهم تخريق علامته التي كانت مع الغزاة، وأمر بإقامة الحد في الجناة، فركب وزير الملك فوقعت في صدره آجرة وسقطت عمامته، وقتل من أهل الكرخ جماعة، وانتهب الغلمان ما قدروا عليه، ثم رتب الوزير قوما منعوا القتال، واحترق وخرب من هذه الفتنة سوق العروس، وسوق الأنماط، وسوق الصفارين، وسوق الدقاقين، ومواضع أخرى.

وفي ليلة الأحد لثمان بقين من ربيع الآخر [٢] : كبس قوم من الدعار المسجد الجامع ببراثا وأخذوا ما فيه من حصر وسجادات، وقلعوا شباكه الحديد، وزاد الاختلاط في هذه الأيام وعاد القتال بين العوام، وكثرت العملات، واجتاز سكران بالكرخ فضرب [بالسيف] [٣] رأس صبي فقلته، ولم يجر في هذه الأشياء إنكار من السلطان لسقوط هيبته.

[قتل العامة الكلالكي]

وفي جمادي الآخرة: قتل العامة الكلالكي، وكان ينظر قديما في المعونة، وأحرقوه ثم زاد الاختلاط ببسط العوم كثيرا، وأثاروا الفتنة ووقع القتال في أصقاع البلد من جانبيه، واقتتل أهل نهر طابق، وأهل القلائين، وأهل الكرخ، وأهل باب البصرة،


[١] في الأصل: «الاسفسهلارية» .
[٢] «لثمان بقين من ربيع الآخر» ساقط من ص.
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>