للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرازبة فارس، أما بعد، فالحمد للَّه الذي فرق كلمتكم، وفل حدكم، وكسر شوكتكم، فاسلموا تسلموا، وإلا فأدوا الجزية، وإلا فقد جئتكم بقوم يحبون الموت، كما تحبون الخمر» .

وكان [١] أهل فارس لموت أردشير مختلفين في الملك، وكانوا بذلك سنة، والمسلمون يمخرون ما دون دجلة وليس لأهل فارس فيما بين الحيرة ودجلة أمر، وأمر خالد رسوليه أن يأتياه بالخبر، وأقام في عمله سنة، ومنزله الحيرة، ويصعد ويصوب، وأهل فارس يخلعون ويملكون، وذلك أن شيري بن كسرى قتل كل من كان يناسبه إلى كسرى بن قباذ، ووثب أهل فارس بعده وبعد أردشير، وبعد أردشير ابنه [٢] ، فقتلوا كل من بين كسرى بن قباذ وبين بهرام جور، فبقوا لا يقدرون على من يملكونه ممن يجتمعون عليه.

واستقام لخالد من أسفل الفلاليج إلى أسفل السواد، وفرق سواد الحيرة على جماعة من أصحابه، وفرق سواد الأبلة على جماعة من أصحابه

. فصل [حديث الأنبار] [٣]

قدم خالد إلى الأنبار، فطاف يخندقهم، وأنشب القتال، وكان قليل الصبر عَن القتال، وتقدم إلى رماته، فقال: إني أرى أقواما لا علم لهم بالقتال، فارموا عيونهم فرموا رشقا واحدًا [٤] ، ففقئت ألف عين، فسميت تلك الوقعة ذات العيون، فأتى خالد أضيق مكان في الخندق [برذايا] [٥] الجيش، فرماهم فيها، فأفعمه، ثم اقتحم الخندق، فقهرهم. وسميت الأنبار لأنه كان فيها أنابير الحنطة والشعير، والقت والتبن، وكان


[١] تاريخ الطبري ٣/ ٣٧٠، ٣٧١.
[٢] في الأصل: «وبعده ابنه» وما أوردناه من أ.
[٣] تاريخ الطبري ٣/ ٣٧٣.
[٤] أي: فرموا وجها واحدا بجميع سهامهم.
[٥] ما بين المعقوفتين: بياض في الأصل، والرذايا، جمع رذية، وهي الناقة المهزولة من السير.

<<  <  ج: ص:  >  >>