للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتولى إفاضة ذلك عليه صاحب المخزن وإقبال ونظر، وفي الساعة التي كان مشتغلا فيها بلبس الخلع كان الوزيران قائمين بين يدي الخليفة يحضران الأمراء أميرا أميرا فيخدم ويعرف خدمته فيقبل الأرض وينصرف، ثم عاد السلطان وأخوه فمثلا بين يدي الخليفة وعلى محمود الخلع السبعة والطوق والتاج والسواران فخدما وأمر الخليفة بكرسي فجلس عليه السلطان، ووعظه الخليفة وتلا عليه قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٩٩: ٧- ٨ [١] ، وأمره بالإحسان إلى الرعية، ثم أذن للوزير أبي طالب في تفسير ذلك عليه، ففسره وأعاد عنه أنه قال: وفقني الله لقبول أوامر مولانا أمير المؤمنين وارتسامها، فالسعادات معها متيسرة. وهي بالخيرات مبشرة، وسلم الخليفة إلى الوزيرين سيفين وأمرهما أن يقلدا بهما السلطان، فلما فعلا قال له: اقمع بهما الكفار والملحدين.

وعقد الخليفة بيده لوائين حملا معه، وخدم، ثم خرج فقدم إليه في صحن الدار ٨١/ أفرس من مراكب/ الخليفة بمركب حديد صيني وقيد بين يديه أربعة أفراس بمراكب ذهب، وأذن الخليفة بعد ذلك لأرباب الدولة وأهل العلم والأشراف والعدول، وعرفه الوزير رجلا رجلا منهم، والخليفة ملتفت إليه مصغ إلى أدعيتهم، معط لكل واحد ما يصلح من النظر إليه ومن خطابه، ثم صعد ابن صدقة في اليوم الذي يلي هذا اليوم في الزبزب إلى السلطان، فتعرف خبره عن الخليفة، وأفاض عليه الملابس التي كانت على الخليفة وقت جلوسه، وانحدر الوزير إلى دار الوزير أبي طالب فخلع عليه، وأطال مقامه عنده وخلوا في مهمات تجارياها.

[وقوع أمطار عظيمة]

وفي هذه السنة: وقعت أمطار عظيمة، ودامت واتصلت بجميع العراق، وأهلكت ما على رءوس النخل وفي الشجر من الأرطاب والأعناب والفواكه، وما كان في الصحاري من الغلات، فلما كان انتصاف الليل من ليلة السبت وهي ليلة الحادي والعشرين من كانون الثاني سقط الثلج ببغداد ودام سقوطه إلى وقت الظهر من الغد فامتلأت به الشوارع [٢] والدروب، وقام نحو ذراع وعمل منه الأحداث صور السباع


[١] سورة: الزلزلة، الآية: ٧، ٨.
[٢] في الأصل: «إلى وقت الغد الظهر وامتلأت به الشوارع» . وفي ص، ط: «إلى وقت سقوطه من الغد الظهر فامتلأت به الشوارع» . وما أوردناه من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>