للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأثنين لليلتين خلتا من رمضان هذه السنة. فكتب الحسن بن سهل إلى عيسى بن محمد يخبره أن أمير المؤمنين قد جعل علي بن موسى الرضا ولي عهده، وذلك أنه نظر في بني العباس وبني علي فلم يجد أحدا أفضل ولا أورع ولا أعلم منه، وأنه سماه الرضي من آل مُحَمَّد صلَّى اللَّه عليه وسلّم، وأمر أن يطرح السواد ولبس الخضرة، وأن يأمر من قبله من الجند والقواد وبني هاشم بالبيعة لَهُ، ويأخذهم بلبس الخضرة في أقبيتهم وقلانسهم وأعلامهم، ويأخذ أهل بغداد جميعا بذلك، فوصل الكتاب إلى عيسى يوم الثلاثاء لخمس بقين من ذي الحجة، فدعا أهل بغداد إلى ذلك، فاختلفوا، فقال قوم: نبايع، وقَالَ قوم: لا نخرج الأمر من ولد العباس، وإنما هذا دسيس من قبل الفضل بن سهل، وغضب ولد العباس من ذلك، واجتمع بعض إلى بعض، وتكلموا فيه وقالوا: نولي بعضنا ونخلع المأمون. وكان المتكلم في هذا والمختلف فيه والمتقلد له: إبراهيم ومنصور بن المهدي [١] .

ذكر العهد الّذي كتبه المأمون بخطّه لعلي ابن موسى الرّضا [عليهما السلام]

بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب كتبه عبد الله بن هارون الرشيد أمير المؤمنين بيده لعلي بن موسى بن جعفر ولي عهده.

أما بعد: فإن الله اصطفى الإسلام دينا، واصطفى له عباده رسلا دالين عَلَيْهِ، وهادين إِلَيْهِ، يبشر أولهم بآخرهم، ويصدق تاليهم ماضيهم، حتى انتهت نبوة اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم على فترة من الرسل، ودروس من العلم، وانقطاع من الوحي، واقتراب من الساعة، فختم الله به النبيين، وجعله شاهدا لهم، ومهيمنا عليهم، وأنزل عليه كتابه العزيز الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ من حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤١: ٤٢ [٢] بما أحل وحرم، ووعد وأوعد، وحذر وأنذر، ليكون له الحجة البالغة على خلقه، لِيَهْلِكَ من ٨: ٤٢


[١] انظر: تاريخ الطبري ٨/ ٥٥٤- ٥٥٥.
[٢] سورة: فصلت، الآية: ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>