للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَإِنَّ الله لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٨: ٤٢. [١] فبلغ عن الله رسالته، ودعا إلى سبيله بما أمره به من الحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، ثم الجهاد والغلظة حتى قبضه الله إليه، واختار له ما عنده صلَّى اللَّه عليّه وسلم، فلما انقضت النبوة، وختم الله بمحمد الوحي والرسالة، جعل قوام الدين ونظام أمر المسلمين بالخلافة، وإتمامها وعزها، والقيام بحق الله فيها بالطاعة التي بها [٢] تقام فرائض الله وحدوده/ وشرائع الإسلام وسننه، ويجاهد بها عدوه، فعلى خلفاء الله طاعته فيما استخلفهم، واسترعاهم من أمر دينه وعباده، وعلى المسلمين طاعة خلفائهم ومعاونتهم على إقامة حق الله وعدله، وأمن السبل، وحقن الدماء، وإصلاح ذات البين، وجمع الألفة، وفي خلاف ذلك اضطراب أمر المسلمين، واختلاف ملتهم، وقهر دينهم، واستعلاء عدوهم، وتفرق الكلمة، وخسران الدنيا والآخرة، فحق على من استخلفه في أرضه، وائتمنه على خلقه أن يجهد للَّه نفسه، ويؤثر على ما فيه رضى الله وطاعته، ويعمل لما الله واقفه عَلَيْهِ [٣] ، وسائله عنه، ويحكم بالحق، ويعمل بالعدل فيما حمله الله وقلده، فإن الله عز وجل يقول لنبيه داود عليه السلام: يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ٣٨: ٢٦ [٤] وقال تعالى: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ١٥: ٩٢- ٩٣ [٥] .

وبلغنا أن عمر بن الخطاب قَالَ: لو ضاعت سخلة بشاطئ الفرات لتخوفت أن يسألني اللَّه عنها، وأيم الله إن المسئول عن خاصة نفسه على عمله فيما بين الله وبينه ليعرض أمر كبير على خطر عظيم، فكيف بالمسئول عن رعاية الأمة، وباللَّه الثقة، وإليه المفزع والرغبة في التوفيق والعصمة والتسديد والهداية إلى ما فيه ثبوت الحجة، والفوز من الله، والرضوان والرحمة، وأنظر الأئمة لنفسه وأنصحهم للَّه في دينه وعباده، وخلافته في أرضه من عمل بطاعته ودينه وسنة نبيه عليه السلام في/ [مدة] [٦] أيامه وبعدها،


[١] سورة الأنفال، الآية: ٤٢.
[٢] في الأصل: «التي تقام بها» .
[٣] في الأصل: «لما عليه وافقه عليه» .
[٤] سورة: ص، الآية ٢٦.
[٥] سورة: الحجر. الآية: ٩٢.
[٦] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>