للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجهد رأيه ونظره فيمن يوليه عهده، ويختاره لإمارة المسلمين ورعايتهم بعده، وينصبه علما لهم [١] ، ومفزعا في جمع ألفتهم، ولم شعثهم، وحقن دمائهم، والأمن بإذن الله من فرقتهم، وفساد ذات بينهم، واختلافهم، ورفع نزغ الشيطان وكيده عَنْهُمْ، وإن الله عز وجل جعل العهد بعد الخلافة من تمام أمر الإسلام وكماله وعزه وصلاح أهله، وأنهم خلفاؤه من توكيده لمن يختارونه لهم من بعدهم ما عظمت به النعمة، وسلمت فيه العاقبة، وينقض [٢] الله بذلك الشقاق [٣] والعداوة، والسعي في الفرقة، والتربص للفتنة، ولم يزل أمير المؤمنين مذ أفضت إليه الخلافة، فاختبر بشاعة مذاقها، وثقل محملها، وشدة مئونتها، وما يجب على من تقلدها من ارتباط طاعة الله ومراقبته فيما حمله فيها وأنصب بدنه، وأسهر عينه، وأطال فكره فيما فيه عز الدين، وقمع المشركين، وصلاح الأمة، ونشر العدل، وإقامة الكتاب والسنة، ومنع ذلك من الخفض، والدعة، ومهنأ العيش، علما بما الله سائله عنه، ومحبته أن يلقى الله مناصحا في دينه وعباده، ومختارا لولاية عهده ورعاية الأمة من بعده أفضل ما يقدر عليه في دينه وورعه، وأرجاهم للقيام بأمر الله وحقه، مناجيا للَّه [٤] بالاستخارة في ذَلِكَ، ومسألته [٥] إلهامه ما فيه رضاه/ وطاعته في آناء ليله ونهاره، معملا في طلبه، والتماسه [٦] في أهل بيته من ولد عبد الله بن العباس وعلي بن أبي طالب، فكره ونظره، مقتصرا فيمن علم حاله، ومذهبه منهم على الحق علما بالغا في المسألة فيمن خفي عليه أمره، وجهده وطاقته، حتى استقضى أمورهم معرفة، وابتلى أخبارهم مشاهدة، وكشف ما عندهم مساءلة، فكانت خيرته بعد استخارته للَّه، وإجهاد نفسه في قضاء حقه في عباده من البيتين جميعا:

علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، لما رأى من فضله البارع، وعلمه الناصع، وورعه الظاهر، وزهده الخالص، وتخلية من الدنيا،


[١] هكذا بالأصل، وفي ت: «ومضيه ومفزعا» .
[٢] في ت: «ويمض الله بذلك» .
[٣] في الأصل: «الفراق» .
[٤] في الأصل: «مناجيا فيه» .
[٥] في ت: «ويسأله إلهامه» .
[٦] في الأصل: «والبأساء في أهل بيته» .

<<  <  ج: ص:  >  >>