فِي مرتبة القذف، وَهُوَ فِي العاجل يهون عَلَى أبناء الجنس مَا هُمْ فِيهِ من الزلل عَلَى أَن الأخبار لا تسلم من بَعْض هَذَا.
ومن أَعْظَم خطأ السلاطين والأمراء نظرهم فِي سياسات متقدميهم وعملهم بمقتضاها من غير نظر، فيما ورد بِهِ الشرع، ومن خطأهم تسمية أفعالهم الخارجة عن الشرع سياسة بأن الشرع هُوَ السياسة لا عمل السلطان برأيه وهواه، ووجه خطأهم فِي ذَلِكَ أَن مضمون قولهم يقتضي أَن الشرع لَمْ يرد بِمَا يكفي فِي السياسة فاحتجنا إِلَى تتمة من رأينا، فَهُمْ يَقْتُلُونَ من لا يَجُوز قتله، ويفعلون مَا لا يحل فعله، ويسمون ذَلِكَ سياسة.
[فصل]
واعلم أَن فِي ذكر السير والتواريخ فوائد كثيرة، أهمها فائدتان، أحدهما: أَنَّهُ إِن ذكرت سيرة حازم ووصفت عاقبة حاله علمت حسن التدبير واستعمال الحزم، وإن ذكرت سيرته مفرط ووصفت عاقبته خويت من التفريط فيتأدب المسلط، ويعتبر المتذكر، ويتضمن ذَلِكَ شحذ صوارم العقول، ويكون روضة للمتنزه فِي المنقول.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو بْن العلاء لرجل من بَكْر بْن وائل قَدْ كبر حَتَّى ذهب منه لذة المأكل والمشرب والنكاح: أتحب أَن تموت؟ قَالَ: لا، قيل: فَمَا بقي من لذتك فِي الدنيا، قَالَ: أسمع بالعجائب.
[فصل]
فَإِذَا أنهينا ذكر المهم من الحوادث والحالات فِي كُل سَنَة ذَكَرْنَا من مَات فِي تلك السنة من الأكابر، ويتعرض بذكر الجرح والتعديل. وَقَدْ يختلف فِي سَنَة موته فنذكر الأصح، وذكر هَذَا من الحوادث أَيْضًا، وترتب أسماؤهم فِي كُل سَنَة عَلَى الحروف فنقدم من اسمه عَلَى حرف الألف عَلَى الباء، فَإِن خفي زمان موت ذاك الشخص ذكرناه مَعَ أقرانه.