للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منذ عشرين سنة لم أقدر عليه، ولست بتارك طلبه أبدا، قيل: وما هو؟ قال: الصمت عما لا يعنيني، وما قلت في الغضب شيئا قط فندمت عليه في الرضى.

وكان يدخل على بعض إخوانه فيضع عندهم الدراهم فيقول: امسكوها حتى أعود إليكم، فإذا خرج قال: أنتم في حل منها.

٥٩٨- نصيب بن رباح، وقيل أبو محجن الشاعر، مولى عبد العزيز بن مروان [١] :

وكان أسود شديد السواد، جيد الشعر، عفيف الفرج، كريما يفضل بماله وطعامه. وكان أهل البادية يدعونه النصيب تفخما لما يرون من جودة شعره، ولم يهج أحدا تدينا، وكان في أول أمره عبدا لبني كعب راعيا لهم، فباعوه من قلاص بن محرز الكناني وكان يرعى [٢] إبله.

وزعم ابن الكلبي أن نصيبا من بني الحاف بن قضاعة، وكانت أمه أمة فوثب عليها سيدها فجاءت بنصيب، فوثب عليه عمه فباعه من رجل، فاشتراه عبد العزيز بن مروان من الرجل.

وقال غيره: إنما كان يتولع بالشعر، فلما جاء قوله استأذن مولاه في إتيان بني مروان فلم يأذن له، فهرب على ناقة بالليل ودخل على عبد العزيز بن مروان فمدحه، فقال: حاجتك، قال: أنا مملوك، فقال للحاجب: اخرج فأبلغ في قيمته، فجمع له المقومين فقال: قوموا غلاما أسود ليس به عيب، قالوا: مائة دينار، قال: إنه راعي إبل يبصرها ويحسن القيام عليها، قالوا [٣] : مائتا دينار، قال: إنه يبري النبل ويريشها ويبري القسي [٤] ، قالوا: أربعمائة دينار، قالوا: إنه راوية للشرع، قالوا: ستمائة دينار، قال: إنه شاعر، قالوا: ألف دينار، فقال نصيب: أصلح الله الأمير جائزتي عن مدحتي، قال: أعطوه ألف دينار، فعاد فاشترى أمه وأخته وأهله وأعتقهم.

وقد مدح عبد العزيز بن مروان وأخاه عبد الملك بن مروان وأولاده وعمر بن عبد العزيز، وحصل منهم مالا كثيرا.


[١] الأغاني ١/ ٣١٢، وإرشاد الأريب ٧/ ٢١٢، والنجوم الزاهرة ١/ ٢٦٢، وتاريخ الإسلام ٥/ ١١.
[٢] «يرعى» : ساقط من ت.
[٣] في الأصل: «قال» : وما أوردناه من ت.
[٤] في ت: «ويعمل القسي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>