للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله، فقال: والله لا تبرح حتى تقتلني أو أقتلك، فحملت عليه وحمل عليّ فاضطربنا بسيفنا ساعة، فو الله ما فضلته في شدة نفس ولا إقدام إلا أن سيفي كان أقطع من سيفه، فقتلته.

[وفي هذه السنة هلك شبيب الخارجي [١]]

في قول هشام بن محمد ... وقال غيره: كان هلاكه في سنة ثمان وسبعين.

والسبب في هلاكه أن الحجاج أمر سفيان بن الأبرد أن يسير إلى شبيب، وكان شبيب قد أقام بكرمان حتى انجبر واستراش هو وأصحابه، ثم أقبل راجعا فاستقبله سفيان بجسر دجيل الأهواز، وكان الحجاج قد كتب إلى الحكم بن أيوب، وهو زوج بنت الحجاج وعامله على البصرة في أربعة آلاف إلى شبيب، ومره فليلحق [بسفيان بن الأبرد، وليسمع له وليطع.

فبعث إليه زياد بن عمرو العتكي في أربعة آلاف، فلم ينته إلى سفيان حتى التقى] [٢] سفيان بشبيب بجسر دجيل، فعبر شبيب إلى سفيان فاقتتلوا، وكر شبيب عليهم أكثر من ثلاثين كرة، فجالدهم أصحاب سفيان حتى اضطروهم إلى الجسر، فنزل شبيب ونزل معه نحو من مائة، فاقتتلوا حتى المساء، فدعا سفيان الرماة، فقال:

ارشقوهم بالنبل، فركب شبيب وأصحابه وكروا على أصحاب النبل كرة صرعوا منهم أكثر من ثلاثين، ثم عطف خيله على الناس، فطاعنوه حتى اختلط الظلام ثم انصرف عنهم. وقد أحب الناس انصرافه لما يلقون منه، فلما أراد العبور نزل حافر فرسه عن جنب السفينة [٣] ، فسقط في الماء فقال: لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا ٨: ٤٤ [٤] .

فارتمس [٥] في الماء، ثم ارتفع فقال: ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ٦: ٩٦ [٦] .


[١] تاريخ الطبري ٦/ ٢٢٤، ومروج الذهب ٣/ ١٤٦، والبداية والنهاية ٩/ ٢٢.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٣] كذا في الأصل، وفي ت: «في جوف السفينة» ، وفي الطبري ٦/ ٢٨٠. «على حرف السفينة» .
[٤] سورة: الأنفال، الآية: ٤٢.
[٥] ارتمس في الماء: إذا انغمس فيه حتى يغيب رأسه وجميع جسده فيه.
[٦] سورة: الأنعام، الآية: ٩٦، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>