للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورائهم، فقتل مصادا [١] أخا شبيب، وغزالة امرأة شبيب. وجاء الخبر إلى الحجاج، فقال لأهل الشام: شدوا عليهم فقد أتاهم ما أرعب قلوبهم، فشدوا عليهم فهزموهم.

وتخلف شبيب في حامية الناس، ثم عبر على الجسر وقطعه.

وفي رواية: أن غزالة امرأة شبيب نذرت أن تصلي في مسجد الكوفة ركعتين تقرأ فيهما البقرة وآل عمران، فدخل بها شبيب الكوفة فوفت بنذرها.

ولما رحل شبيب بعث الحجاج حبيب بن عبد الرحمن الحكمي في أثره في ثلاثة آلاف من أهل الشام، وقال له: حيث ما لقيته فنازله، وبعث الحجاج إلى العمال أن دسوا إلى أصحاب شبيب أن من جاءنا منهم فهو آمن، فكان كل من ليست له تلك البصيرة ممن قد هده القتال يجيء فيؤمن، فتفرق عنه ناس كثير من أصحابه، وبلغ شبيب أن عبد الرحمن بالأنبار، فأقبل بأصحابه فبيتهم فما قدر عليهم بشيء لأنهم قد احترزوا، وجرت مقتلة وسقطت أيد، وفقئت أعين، فقتل من أصحاب شبيب نحو من ثلاثين، ومن الآخرين نحو من مائة، فمل الفريقان بعضهم بعضا من طول القتال، ثم انصرف عنهم شبيب وهو يقول لأصحابه: ما أشد هذا الّذي بنا، لو كنا إنما نطلب الدنيا، وما أيسر هذا في جانب ثواب الله عز وجل، ثم حدث أصحابه، فقال: قتلت أمس منهم رجلين أحدهما أشجع الناس، والآخر أجبن الناس، خرجت عشية أمس طليعة لكم فلقيت منهم ثلاثة نفر دخلوا القرية يشترون منها حوائجهم، فاشترى أحدهم حاجته ثم خرج قبل أصحابه وخرجت معه، فقال لي: أتشتري علفا، فقلت: إن لي رفقاء قد كفوني ذلك، أين ترى عدونا هذا؟ فقال: قد بلغني أنه نزل قريبا منا، وأيم الله لوددت أني قد لقيت شبيبهم هذا، قلت فتحب ذلك، / قال: نعم، قلت: فخذ حذرك فأنا والله شبيب، فانتضيت سيفي، فخر والله ميتا وانصرفت، فلقيت الآخر خارجا من القرية، فقال لي:

أين تذهب الساعة؟ وإنما يرجع [٢] الناس إلى عسكرهم، فلم أكلمه، ومضيت فتبعني حتى لحقني فعطفت عليه [٣] ، فقلت له: مالك؟ فقال: أنت والله عدونا؟ فقلت: أجل


[١] في الأصل: «فقتل معاذا» . وما أوردناه من ت.
[٢] في الأصل: «وثم يرجع الناس» .
[٣] تاريخ الطبري ٦/ ١٧٨: «فقطعت عليه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>