للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرحمن في ألفين، وتجهز أهل الكوفة أيضا، وقد بعث الحجاج إلى عتاب بن ورقاء وهو مع المهلب، فبعثه على ذلك الجيش، فاجتمعوا خمسين ألفا، ومع شبيب ألف رجل، فخرج في ستمائة، وتخلف عنه أربعمائة، فقال: قد تخلف عنا من لا يحب أن يرى فينا.

ثم عبى أصحابه، وحمل على الميمنة ففضها، وانهزمت الميسرة، وكان عتاب في القلب وزهرة جالسا معه، فغشيهم، فطعن عتاب بن ورقاء، ووطئت الخيل زهرة، وجاءه الفضل بن عامر الشيباني [١] فقتله، وتمكن شبيب من العسكر، وحوى ما فيه، فقال: ارفعوا عنهم السيف، ثم دعا إلى البيعة فبايعه الناس من ساعتهم وهربوا تحت الليل، فأقام شبيب يومين، وبعث إلى أخيه فأتاه من المدائن، ثم أقبل إلى الكوفة، وبعث الحجاج إليه جيشا فهزمهم، وجاء شبيب حتّى ابتنى مسجدا في أقصى السبخة، فلما كان في اليوم الثالث أخرج الحجاج مولاه أبو الورد عليه تجفاف، وأخرج مجففة كثيرة، جعلهم على هيئة الغلمان له، وقالوا: هذا الحجاج، فحمل عليه شبيب فقتله، وقال:

إن كان هذا الحجاج فقد أرحتكم منه. ثم أخرج إليه غلاما آخر فقتله.

ثم خرج [٢] الحجاج وقت ارتفاع النهار من القصر، فقال: ائتوني ببغل أركبه إلى السبخة، فأتوه، فلما نظر إلى السبخة وإلى شبيب وأصحابه نزل، وكان شبيب في ستمائة فارس، فقعد الحجاج على كرسي، وأخذ يمدح أهل الشام ويقول: أنتم أهل السمع والطاعة، فلا يغلبن باطل هؤلاء الأرجاس حقكم، غضوا الأبصار واجثوا على الركب، واستقبلوا القوم بأطراف الأسنة.

فاقتتلوا قتالا شديدا، ثم حمل شبيب بجميع أصحابه، ونادى الحجاج بجماعة الناس، فوثبوا في وجهه، فما زالوا يطعنون ويضربون، فنادى شبيب: يا أولياء الله، الأرض، ثم نزل وأمر أصحابه، فنزل بعضهم، / فقال خالد بن عتاب: ائذن لي في قتالهم، فإني موتور، وأنا ممن لا يتهم في نصيحته، فقال: قد أذنت، فأتاهم من


[١] في الأصل: «ابن عتاب الشيبانيّ» ، وما أوردناه من ت.
[٢] تاريخ الطبري ٦/ ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>