للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت/ الجوامع الباقية علي نحو هذا، فلم يسق الناس ولا أغيثوا.

[ركب جماعة من القواد فقطعوا خطبة جلال الدولة]

وفي يوم الجمعة الثالث من ربيع الأول: ركب جماعة من القواد فقطعوا خطبة جلال الدولة، وبلغه ذلك فأزعجه وبعث خواص [١] جواريه إلى دار الخلافة، وغيرها وخير الباقيات [٢] بين أن يعتقن أو يأخذن لنفوسهن، ومنهن من أعتق ومنهن من مضى إلى من كن له من قبل، ثم اجتمع الغلمان وراسلوا الملك، فقالوا: قد علمت ما وافقتنا عليه من الانحدار إلى واسط، والوجه أن تستخير الله في ذلك، فقال: إنما قررتم من يخرج معي من يسلم إلى البصرة، فإما أن أخرج علي غير قاعدة فما أفعل، وامتلأ جانبا دجلة وشطها بالناس والسميريات، وترددت الرسل إلى الملك بالمطالبة بالخروج، فقال: أبعثوا معي مائة غلام يحرسونني في طريقي، فقالوا: لا يمكن مائة، ولكن عشرون، فقال: أريد شفيقا يحملني ونفقة تنهضني [٣] ، فقرروا بينهم إطلاق ستين دينارا لنفقة من يصحبه من الغلمان، والتزم بعض القواد منها ثلاثة دنانير ونصفا.

فلما كان الليل من ليلة الاثنين سادس ربيع الأول خرج في نفر من غلمانه، فمضى إلى عكبرا على وجه المخاطرة، فتبادر الغلمان إلى دار المملكة، فنهبوا ما فيها وكتب الإصفهلارية عن نفوسهم، وعن فرق من الغلمان وطوائفهم كتبا إلى الملك أبي كاليجار بما فعلوه في خدمته، وهنئوه باجتماع الكلمة علي طاعته، واستدعوا منه إنفاذ من يدبر الأمور ويحفظ نظام الجمهور، / وأخرجوا بها ركابية، فقال: هؤلاء الأتراك يكتبون ما لا يعقدون الوفاء به ويعدون ولا يصدقون، فإن كانوا محقين في طاعتهم فليظهروا شعارنا، وليخرجوا من عندهم ولا أقل من أن يخرجوا إلينا منهم خمسمائة غلام ليكون توجهنا معهم، فأما بالاغترار بأقوال لا يعرف ما وراءها فلا والوجه أن يعلل القوم بالمدافعة وتوقعوا ما تحدثه الأيام، فإنهم في كل يوم يضعفون وتدعوهم الضرورة إلينا، فنأخذ الأمر عفوا، ونربح المال الذي ننفقه، والغرر الذي نركبه، وكان من وزراء أبي كاليجار أبو منصور بن فنة، وكان فاضلا ومن آثاره دار كتب وقفها على طلاب العلم


[١] في ص، ل: «فأزعجه وانفذ خواص» .
[٢] في الأصل: «وغيرها وخير البواقي» .
[٣] في ص: «ونفقة تنهضني» .

<<  <  ج: ص:  >  >>