للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ فصلبوه فَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ الله ٥٩: ١٦ إلى قوله: جَزاءُ الظَّالِمِينَ ٥٩: ١٧ [١] .

ومن ذلك: قصة سبأ

[٢] :

قَالَ علماء السير: لما ملكت بلقيس جعل قومها يقتتلون عَلَى واديهم، فجعلت تنهاهم فلا يطيعونها فتركت ملكها وانطلقت إِلَى قصرها فنزلته، فلما كثر الشر بينهم وندموا أتوها، فأرادوها عَلَى أن ترجع إِلَى ملكها فأبت، فقالوا: لترجعن أو لنقتلنك فقال: إنكم لا تطيعونني، وليست لكم عقول، فقالوا: ها إنا نطيعك، فجاءت إلى واديهم، وكانوا إذا أمطروا أتاه السيل من مسيرة ثلاثة أيام، فأمرت به فسد ما بين الجبلين بمسناه، وحبست الماء عمن وراء السد، وجعلت له أبوابا بعضها فوق بعض وبنت لمن دونه بركة، وجعلت فيها اثني عشر مخرجا عَلَى عدد أنهارهم، فكان الماء يخرج بينهم بالسوية، وكانت لهم جنتان عَنْ يمين واديهم وعن شماله، فأخصبت أرضهم وكثرت فواكههم، وإن كانت المرأة لتمر بين الجنتين والمكتل عَلَى رأسها فترجع وقد امتلأ من التمر وما مست بيدها شيئا منه ولم يكن يرى [٣] فِي بلدهم حية ولا عقرب ولا بعوضة ولا ذباب ولا برغوث، وتمر العرب ببلدهم وَفِي ثيابهم القمل فتموت القمل لطيب هوائها، وقيل لهم: كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة- أي هَذِهِ بلده طيبة- ولم تكن سبخة ولا فيها ما يؤذي، وكانت ثلاث عشرة قرية، فبعث الله إليهم ثلاثة عشر نبيا فكذبوا الرسل، ولم يقروا بنعم اللَّه، فأرسل اللَّه عليهم سيل العرم- والعرم السكر والمسناة- بعث اللَّه سبحانه جرذا فنقبه من أسفله وأغرق به جناتهم، وخربت به أرضهم، فتبددوا فِي البلاد فصارت العرب تتمثل فِي الفرقة بسبإ [٤] .


[١] سورة: الحشر، الآية: ١٦.
وانظر قصة برصيصا في: البداية والنهاية ٢/ ١٣٦- ١٣٧.
[٢] بياض في ت مكان: «ومن ذلك قصة سبإ» .
[٣] في ت: «كمن يرى» .
[٤] انظر قصة سبإ في: البداية والنهاية ٢/ ١٥٨- ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>