للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدَيْهِ ثُمَّ دَعَا، فَقَالَ لِي: اجْعَلْهُنَّ فِي مِزْوَدِكَ وَأَدْخِلْ يَدَكَ وَلا تَنْثُرْهُ. قَالَ: فَجَعَلْتُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وَسْقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَآكُلُ وَأُطْعِمُ [١] ، وَكَانَ لا يُفَارِقُ حِقْوِي. فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ انْقَطَعَ عَنْ حِقْوِي وَسَقَطَ. أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ [٢] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْمَأْمُونِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ حَبَابَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَيْشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُصِبْتُ بِثَلاثٍ بِمَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنْتُ صُوَيْحِبَهُ وَذَا يَدٍ مِنْهُ، وَبِقَتْلِ عُثْمَانَ وَالْمِزْوَدِ. قَالُوا: وَمَا الْمِزْوَدُ؟ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصَابَتِ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ مِنْ شَيْءٍ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، شَيْءٌ مِنْ تَمْرٍ فِي مِزْوَدٍ، قَالَ:

«فَآتِنِي بِهِ» ، فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَأَدْخَلَ يَدَهُ وَأَخْرَجَ قَبْضَةً، فَبَسَطَهَا، ثم قال: ادع لي عشرة، فدعوت له عَشَرَةً فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَأَخْرَجَ قَبْضَةً فَبَسَطَهَا، ثُمَّ قالَ: ادْعُ لِي عَشَرَةً، فَدَعَوْتُ لَهُ عَشَرَةً، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، فَمَا زَالَ يَصْنَعُ ذَلِكَ حَتَّى أَطْعَمَ الْجَيْشَ كُلَّهُ وَشَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ لِي: «خُذْ مَا جِئْتَ بِهِ وَأَدْخِلْ يَدَكَ وَاقْبِضْ وَلا تَكُبَّهُ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَبَضْتُ عَلَى أَكْثَرِ مِمَّا جِئْتُ بِهِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَمَّا أَكَلْتُ، أَكَلْتُ مِنْهُ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَيَاةَ أَبِي بَكْرٍ وَأَطْعَمْتُ، وَحَيَاةَ عُمَرَ وَأَطْعَمْتُ، وَحَيَاةَ عُثْمَانَ وَأَطْعَمْتُ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ انْتُهِبَتْ بَيْتِي وَذَهَبَ الْمِزْوَدُ.

وَفِي رِوَايَةٍ: لَقَدْ جَهَّزْتُ مِنْهُ خَمْسِينَ وَسْقًا في سبيل الله.

[فصل]

٢٢/ أ/ ولما ضرب عثمان بالسيف اتقت نائلة بنت الفرافصة بيدها، فقطعت إصبعان من أصابعها، فلما قتل كتبت إلى معاوية: من نائلة بنت الفرافصة إلى معاوية بن أبي سفيان، أما بعد. فإني أذكركم باللَّه الذي أنعم عليكم، وعلمكم الإسلام، وهداكم من الضلالة، وأبعدكم عن الكفر، وأنشدكم الله فأذكركم حقه وحق خليفته أن تنصروه، وأن


[١] في المسند: «ونأكل ونطعم» .
[٢] الخبر في مسند أحمد بن حنبل ٢/ ٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>