للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أبان عن حسن طاعته [١] ، وصادق محبته [٢] ، وسأل مصافحته باليد الشريفة فأعطاه أمير المؤمنين يده دفعتين قبل لبسه الخلع وعند انصرافه من حضرته [٣] ، وهو يقبلها ويضعها على عينيه، ودخل جميع من في الدار من الأكابر والأصاغر إلى المكان فشاهدوا تلك الحال، وخرج إلى صحن دار السلام، فسار والخيل [٤] والألوية أمامه، ولما خرجت الألوية رفعت من سطح صحن السلام وحطت على روشن بيت النوبة، ومنه إلى الطيار لئلا تخرج في الأبواب فتنكس، ومضى إليه رئيس الرؤساء في يوم الاثنين وهنأه عن الخليفة وقال له: إن أمير المؤمنين يأمرك أن تجلس للهناء بما أفاضه عليك من نعمة، وولاك [٥] من خدمته، وحمل إليه خلعة، فقام وقبل الأرض وقال: قد أهلني أمير المؤمنين لرتبة يستنفد شكري ويستعبدني بما بقي من عمري، وأتاه بسدة مذهبه وقال له:

أمير المؤمنين يأمرك [٦] أن تلبس هذا التشريف، وتجلس في هذا الدست، وتأذن للناس ليشهدوا/ ما تواتر من إنعامه، فيبتهج الولي، وينقمع العدو. ١١/ ب وحمل السلطان في مقابلة ذلك خمسين غلاما أتراكا على خيول بسيوف ومناطق وعشرين رأسا من الخيل، وخمسين ألف دينار، وخمسين قطعة ثياب.

[قبض على أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بمصر]

وفي ذي الحجة من هذه السنة: قبض على أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن اليازوري بمصر، وعلى ثمانين من أصحابه، وقررت عليه أموال عظيمة. وكتب خطه بثلاثة آلاف ألف دينار، واخذ من المختصين به ألوف، وكان في ابتداء أمره قد حج وأتى المدينة، وزار رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقط على منكبه قطعة من الخلوق فقال أحد القوام: أيها الشيخ، أبشرك بأمر ولى الحباء والكرامة إذا بلغت إليه، أعلمك أنك تلي ولاية عظيمة، وهذا الخلوق الذي وقع عليك شاهدها، وهو دليل على علو منزلة من يسقط عليه.

فضمن له ما طلبه، فلم يحل الحول حتى ولى الوزارة، وأحسن إلى الرجل، وتفقد


[١] في الأصل: «حسن الطاعة» .
[٢] في الأصل: «وصادق المحبة» .
[٣] في الأصل: «من حضرتها» .
[٤] في الأصل: «إلى صحن الدار فسار وانحرت ... » .
[٥] في الأصل: «مولاك» .
[٦] في ص: «يرسم لك» .

<<  <  ج: ص:  >  >>