[الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية في عصر ابن الجوزي:]
عاش الإمام ابن الجوزي في القرن السادس الهجريّ، والّذي يعد من أهم القرون المؤثرة في الساحة العربية من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية، والّذي شهد اضطرابات سياسية واجتماعية وفكرية واسعة النطاق.
فمن الناحية الاجتماعية كانت هناك اضطرابات اجتماعية خطيرة، فقد كان هناك تفاوت في المجتمع من حيث المستوى الاجتماعي، يرجع ذلك إلى اختلاف الدخول، فقد كانت هناك طبقة الأثرياء الذين يمتلكون الأموال الطائلة، بينما هناك من لا يجد قوت يومه، أدى ذلك إلى ظهور طبقة العيارين والشطار، الذين عاثوا في البلاد فسادا، وقد زاد من انتشارهم ضعف السلطة وعدم الاستقرار السياسي.
وقد رأى ابن الجوزي بأم عينه اتساع الفتن الاجتماعية الناجمة من الصراعات الطائفية، ومن غارات البدو والقبائل على الآمنين، وهذه ناتجة من بعض ما أفرزه القلق والفوضى السائدان في القرن السادس الهجريّ الّذي سيطر فيه السلاجقة. وقد حفل كتاب «المنتظم» بأخبار الكثير من الحوادث المؤسفة والخطيرة التي كانت تتعرض إليها بغداد، بلا مبرر سوى الرضوخ الأهوج إلى بعض الرواسب التقليدية، كما كانت بعض المدن العراقية الأخرى عرضة لهجمات بعض القبائل المتمردة على النظام وتجرد قوافل الحجاج من الأموال والمتاع، وتعريض أرواحهم إلى الخطر [١] .
أما الناحية السياسية فقد شهد عصر ابن الجوزي سقوط الدولة الفاطمية سنة ٥٦٧ هـ-، وقيام الدولة الأيوبية وتجديد شباب الخلافة العباسية في عهد الناصر لدين الله.
أما الناحية الاقتصادية فقد كان لسوء توزيع الثروة بين الناس أثره الشديد على تنعم بعض الطبقات بالأموال الطائلة والثروات الكبيرة وحرمان الآخرين، مما أثر على ترابط المجتمع وعدم تماسكه. وعلى الرغم من ذلك فلم يكن هناك توازن بين دخول الناس والضرائب المفروضة عليهم، فقد تعسفت السلطة في جمع الضرائب من الناس على الرغم من سوء الأحوال الاقتصادية.
[١] كتاب المنتظم، دراسة في منهجه وموارده وأهميته، للدكتور حسن عيسى علي الحكيم، ص ٣١.