للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [١] وكان من الحوادث عند مبعث رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم: تغير أحوال كسرى المسمى: أبرويز [٢] :

وكانت دجلة تجري قديما فِي أرض كوجى فِي مسالك محفوظة إِلَى أن تصب فِي بحر فارس، ثم غورت وجرت صوب واسط فأنفق الأكاسرة عَلَى سدها وإعادتها إِلَى مجراها القديم، فغرم عَلَى ذلك أموالا كثيرة، ولم يثبت السد.

فلما ولي قباذ بْن فيروز انبثق فِي أسافل كسكر بثق عظيم، وغلب الماء فأغرق عمارات كثيرة، فلما ولي أنوشروان بنى مسنيات [٣] ، فعاد بعض تلك العمارة، وبقيت عَلَى ذلك إِلَى ملك أبرويز بْن هرمز بن أنوشروان، وكان من أشد القوم بطشا، وتهيأ له ما لم يتهيأ لغيره، فسكر دجلة العوراء، وأنفق عليها ما لا يحصى، وبنى طاق مجلسه، وكان يعلق فيه تاجه ويجلس والتاج فوق رأسه معلق من غير أن يكون له عَلَى رأسه ثقل [٤] .

قَالَ وهب بْن منبه: وكان عنده ثلاثمائة وستون رجلا من الحزاة- وهم العلماء- من بين كاهن وساحر ومنجم، وكان فيهم رجل من العرب يقال له: السائب يعتاف اعتياف العرب قلما يخطئ، بعث به إليه باذان من اليمن فكان كسرى إذا حزبه أمر جمع كهانه وسحرته ومنجميه فَقَالَ: انظروا فِي هَذَا الأمر ما هو. فلما أن بعث اللَّه تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أصبح كسرى ذات غداة قد انفصمت طاق من وسطها وانخرقت عَلَى دجلة العوراء «شاه بشكست» يقول: الملك انكسر. ثم دعا كهانه وسحرته ومنجميه ودعا السائب معهم، فأخبرهم بذلك، وَقَالَ: انظروا فِي هَذَا الأمر فنظروا، فأظلمت عليهم الأرض فتسكعوا فِي عملهم، فلم يمض لساحر سحره، ولا لكاهن كهانته، ولا لمنجم علم نجومه.


[١] بياض في ت مكان «فصل» .
[٢] هذا في الكامل ١/ ٣٧١ وما بعد (ما رأى كسرى من الآيات) .
[٣] المسنيات: جمع مسناة وهو السد. وفي الأصل: «منسبيات» .
[٤] ألوفا الباب الثاني عشر من أبواب ذكر نبوته صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>