للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: مَا اسمك يرحمك اللَّه؟ قَالَ: أنا مُحَمَّد بْن واسع. قَالَ: مرحبا وأهلا، أنت الّذي يقول هؤلاء القوم- وأومأ بيده إِلَى البصرة- إنك أفضلهم، للَّه أبوك إن قمت بشكر ذلك، اجلس، فجلس فقام ثَابِت البُنَانِيّ فسلم عليه، فرد عليه، وَقَالَ: من أنت يرحمك اللَّه؟

قَالَ: أنا ثابت البناني. فقال: مرحبا بك يا ثَابِت، أنت الَّذِي يزعم أَهْل هَذِهِ القرية أنك من أطراهم صلاة، اجلس فقد كنت أتمناك عَلَى ربي. فقام إِلَيْهِ حبيب أَبُو مُحَمَّد، فسلم عليه، فرد السلام وَقَالَ: من أنت يرحمك اللَّه؟ قَالَ: أنا حبيب، أَبُو مُحَمَّد. فَقَالَ:

مرحبا بك يا أبا مُحَمَّد، أنت الّذي يزعم هؤلاء القوم أنك لم تسأل اللَّه شيئا إلا أعطاك، ألا سألته أن يخفي لك ذلك، اجلس يرحمك الله. قال: وأخذ بيده فأجلسه إِلَى جنبه.

قَالَ: فقام إِلَيْهِ مالك بْن دينار فسلم عليه، فرد عليه السلام وَقَالَ: من أنت رحمك اللَّه؟

قَالَ: أنا مالك بْن دينار. قَالَ: بخ بخ أَبُو يحيى إن كنت كما يقولون، أنت الَّذِي يزعم هؤلاء أنك أزهدهم، اجلس فالآن تمت أمنيتي عَلَى ربي فِي عاجل الدنيا. قَالَ صالح:

فقمت إِلَيْهِ لأسلم عليه، فأقبل عَلَى القوم فَقَالَ: انظروا كيف تكونون غدا بين يدي اللَّه فِي مجمع القيامة. قَالَ: فسلمت عليه فرد علي وَقَالَ: من أنت يرحمك الله؟ قلت:

صالح المري. قَالَ: أنت الفتى الفارسي؟ أنت أَبُو معشر؟ قلت: نعم. قَالَ: فاقرأ يا صالح. فابتدأت فقرأت، فما استتممت الاستعاذة حَتَّى خر مغشيا عليه، ثُمَّ أفاق فَقَالَ:

عد فِي قراءتك. قال صالح: فعدت فقرأت: وَقَدِمْنا إِلى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً ٢٥: ٢٣ [١] . قَالَ: فصاح صيحة ثُمَّ انكب لوجهه، وانكشف بعض جسده، فجعل بخور كما يخور الثور، ثُمَّ هدأ فدنونا منه ننظر، فإذا هو قَدْ خرجت نفسه كأنه خشبة، فخرجنا فسألنا: هل لَهُ أحد؟ قيل: عجوز تخدمه، تأتيه الأيام، فبعثنا إليها، فجاءت فقالت: ما له؟ قلنا: قرئ عليه القرآن فمات. قالت: حق له، من ذا الَّذِي قرأ عليه؟

لعله صالح المري الْقَارِئ؟ قلنا: نعم، وما يدريك؟ من صالح؟ قالت: لا أعرفه غير أن كثيرا مما كنت أسمعه يَقُول: إن قرأ علي صالح قتلني. قلنا: فهو الَّذِي قرأ عليه.

قالت: هو الَّذِي قتل حبيبي. فهنأناه، ودفناه رحمه اللَّه] [٢] .

٨٠٥- النعمان بْن ثَابِت، أَبُو حنيفة التيمي، إمام أصحاب الرأي [[٣]] .


[١] سورة: الفرقان، الآية: ٢٣.
[٢] ، إلى هنا انتهى السقط الأصل.
[٣] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد ١٣/ ٣٢٣- ٤٥٤. والنجوم الزاهرة ٢/ ١٢، والبداية والنهاية ١٠/ ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>