للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افتتح غار بجبل لبنان فإذا فيه رجل مسجى على سرير من ذهب، وإلى جانبه لوح من ذهب مكتوب فيه بالرومية: أنا سابا بن بوناس بن سابا، خدمت عيص بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرب الأكبر، وعشت بعده دهرا طويلا، ورأيت عجبا كثيرا، فلم أر أعجب من غافل عن الموت وقد عاين مصارع آبائه، ووقف على قبور أحبائه، وعلم أنه صائر إلى الموت لا محالة، والذي بعد الموت من حساب الديان أعظم، ورد حق المظلومين أعظم من الموت حقا، حفرت قبري هذا قبل أن أصل إليه [١] بمائة وخمسين عاما، ووضعت سريري هذا فيه أغدو وأروح، وقد علمت أن الحفاة الأجلاف الجاهلية يخرجوني من غاري هذا وينزلوني عن سريري وهم يومئذ مقرون بربوبية الديان الأعظم، وعند ذلك يتغير الزمان، ويتأمر الصبيان، ويكثر الحدثان، ويظهر البهتان، فمن أدرك ذلك الزمان عاش قليلا، ومات ذليلا، وبكى كثيرا، ولا بد مما هو كائن أن يكون، والعاقبة للمتقين، وقد رأيت الثلج والبرد في تموز مرارا، فإن رأيتم ذلك فلا تعجبوا

. ومن الحوادث في هذه السنة [ذكر الرمادة] [٢]

أن نفرا من المسلمين أصابوا الشراب، فكتب أبو عبيدة إلى عمر، كتابا وذكر فيه: إنا سألناهم فتأولوا، وقالوا: خيرنا فاخترنا، قال: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ٥: ٩١ [٣] . فكتب إليه عمر رضي الله عنه إن المراد «فانتهوا» . فادعهم، فإن زعموا أنها حلال فاقتلهم، وإن زعموا أنها حرام فاجلدهم ثمانين [جلدة] [٤] ، فسألهم فقالوا: حرام، فجلدهم ثمانين [ثمانين] [٥] ، فندموا على لجاجتهم، وقال: ليحدثن فيكم يا أهل الشام حادث، / فحدثت الرمادة في هذه السنة.


[١] في أ: «أن أصير إليه» .
[٢] تاريخ الطبري ٤/ ٩٦.
[٣] سورة: المائدة، الآية: ٩١.
[٤] ما بين المعقوفتين: من الطبري.
[٥] ما بين المعقوفتين: من أ، والطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>