للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جانب الالتزاق خلف ظهر أخيه ويمشيان كذلك، وإنما كانا يركبان دابة واحدة ولا يمكن أحدهما التصرف إلا بتصرف الآخر [١] معه، وإذا أراد أحدهما الغائط قام الآخر معه [٢] وإن لم يكن محتاجا، وأن أباهما حدَّثهم أنه لما ولدا أراد أن يفرق بينهما، فقيل له:

انهما يتلفان لأن التزاقهما من جنب الخاصرة، وأنه لا يجوز أن يسلما، فتركهما، وكانا مسلمين، فأجازهما ناصر الدولة، وخلع عليهما، وكان الناس بالموصل يصيرون إليهما فيتعجبون منهما ويهبون لهما.

قال أبو محمد: وأخبرني جماعة أنهما خرجا إلى بلدهما، فاعتل أحدهما ومات/ وبقي الآخر أيامًا حتى أنتن وأخوه حي لا يمكنه التصرف، ولا يمكن الأب دفن الميت إلى أن لحقت الحي علة من الغم والرائحة، فمات أيضا فدفنا جميعا وكان ناصر الدولة قد جمع لهما الأطباء وقال: هل من حيلة في الفصل بينهما، فسألهما الأطباء عن الجوع، هل تجوعان في وقت واحد؟ فقال: إذا جاع الواحد منا تبعه جوع الآخر بشيء يسير من الزمان، وإن شرب أحدنا دواء مسهلًا انحل طبع الآخر بعد ساعة، وقد يلحق أحدنا الغائط ولا يلحق الآخر، ثم يلحقه بعد ساعة فنظروا فإذا لهما جوف واحد وسرة واحدة ومعدة واحدة وكبد واحد وطحال واحد، وليس من الالتصاق أضلاع، فعلموا أنهما إن فصلا تلفا، ووجدوا لهما ذكران، وأربع بيضات، وكان ربما وقع بينهما خلاف وتشاجر فتخاصما أعظم خصومة، حتى ربما حلف أحدهما لا أكلم الآخر أيامًا، ثم يصطلحان.

[ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.]

٢٦٢٨- عمر بن أكثم بن أحمد بن حيان بن بشر، أبو بشر الأسدي

[٣] .

ولد سنة أربع وثمانين ومائتين، وولي القضاء ببغداد في أيام المطيع للَّه من قبل أبي السائب عتبة بن عبيد الله، ثم ولي قضاء القضاة بعد ذلك، وكان ينتحل مذهب


[١] في ص، ل، ت، والمطبوعة: «أحدهما المنصرف إلا أن ينصرف ... » .
[٢] «وإذا أراد أحدهما الغائط قام الآخر معه» سقطت من ص.
[٣] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد ١١/ ٢٤٩. والبداية والنهاية ١١/ ٢٥٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>