للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأصفهان، فلحقه عليه ما زاد على المعهود، ولم يسمع بأمثاله، ورام قتل نفسه دفعات، فمنعه خواصه، ومنع من أخذه وغسله لقلة صبره على فراقه، إلى أن تغير فمكن من ذلك، وامتنع عن المطعم والمشرب، ونزع أثواب الصبر، وأغلق أبواب السلو، وجز الأتراك والتركمان شعورهم، وكذلك نساء الحشم والحواشي والخيول، وأقام أهل البلد المأتم في المنازل والأسواق، وبقيت الحال على هذا سبعة أيام، وخرج السلطان بعد شهر إلى الصيد وكتب بخطه رقعة يقول فيها: أما أنا يا ولدي داود فقد خرجت إلى الصيد، وأنت غائب عني، وعندي من الاستيحاش لفراقك والا نزعاج لبعدك عني، والبكاء على أخذك مني، ما أسهر ليلى، ونغص عيشي، وقطع كبدي، وضاعف كمدي، فأخبر أنت بعدي مالك وحالك، وما غير البلى منك، وما فعل الدود بجسمك، والتراب بوجهك وعينك، وهل عندك على مثل ما عندي، وهل بلغ الحزن بك ما بلغ بي، فوا شوقاه إليك، ووا حسرتاه عليك، ووا أسفا على ما فات منك.

وحملت الرقعة إلى نظام الملك فقرأها وبكى بكاء شديدا، وجمع الوجوه والمحتشمين وقصد بهم القبر، وقرأ الرقعة عليه وارتج المكان بالبكاء والعويل، وتجدد الحزن في البلد/ واللطم وعادت المصيبة كأول يوم، وجلس الوزير عميد الدولة [١] ١٠٦/ أللعزاء في صحن السلام ثلاثة أيام أولها يوم السبت لثلاث بقين من ذي الحجة.

[دخول خادمين لشرف الدولة عليه الحمام فخنقاه]

وفي هذه السنة [٢] : دخل خادمان لشرف الدولة مسلم بن قريش عليه الحمام فخنقاه [وأدركه أصحابه وقد شارف الموت، فنجا] [٣] وقتل الخادمان.

وذكر محمد بن عبد الملك أن خادما واحدا وثب في الحمام فخنقه [٤] وسمعت زوجته الصراخ [٥] فبادرت إلى الحمام، فوجدته مغلقا فكسرت الباب، فخرج خادم فقال: إن هذا الأمير يراودني على نفسي، ويطلب مني الفاحشة، وأنا آبى ذلك. فخرج


[١] «وعادت المصيبة كأول يوم وجلس الوزير عميد الدولة» سقطت هذه العبارة من ص.
[٢] هذا الحدث ورد في ت في أول أحداث السنة.
[٣] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٤] «فخنقه» سقطت من ص، ت.
[٥] في ص: «الصياح» .

<<  <  ج: ص:  >  >>