للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر بإخراج الجارية، فحين أخرجت تغير وجه الفتى تغيرا شديدا، فعلم بذلك أن الأمر كما ذكره الفقيه من حبه لها وصبابته بها فَقَالَ له ابن أبي حامد: هذه جاريتك. فَقَالَ: نعم هذه جاريتي. واضطرب كلامه من شدة ما نزل به عند رؤيتها، فَقَالَ له: خذها بارك الله لك فيها. فجزاه أَبُو حامد خيرا وشكره [١] وسأله قبض المال، وأخبره أنه على حاله وقدره ثلاثة آلاف درهم فأبى أن يأخذه وطال الكلام في ذلك، فَقَالَ أَبُو حامد: إنما قصدناك نسأل الإقالة ولم نقصد أخذها على هذا الوجه. قال له ابن أبي حامد: هذا رجل فقيه وقد باعها لأجل فقره وحاجته ومتى أخذ المال منه خيف عليه أن يبيعها ثانية ممن لا يردها عليه [٢] ، والمال يكون في ذمته فإذا جاءه نفقة من بلده جاز أن يرد ذلك فوهب المال له، وَكَانَ عليها من الحلي والثياب شيء له قدر كبير. فَقَالَ له أَبُو حامد: إن رأى أيده الله أن يتفضل وينفذ مع الجارية من يقبض هذه الثياب والحلي التي عليها فما لهذا الفقيه أحد ينفذه به على يده. فَقَالَ: سبحان الله هذا شيء أسعفناها به ووهبناه لها سواء إن كانت في ملكنا أو خرجت عن قبضتنا، ولسنا نرجع فيما وهبناه من ذلك. فعرف أَبُو حامد أن الوجه ما قاله، فلم يلح عليه بل حسن موقعه من قلبه، فلما أراد لينهض ويودعه قَالَ ابن أبي حامد: أريد أن أسألها قبل انصرافها عن شيء، فَقَالَ: يا جارية أي ما أحب إليك نحن أو مولاك هذا الذي باعك وأنت الآن له؟ فقالت: يا سيدي أما انتم فأحسن الله عونكم وفعل بكم وفعل فقد أحسنتم إلي وأغنيتموني، وأما مولاي هذا فلو ملكت منه ما ملك مني ما بعته بالرغائب العظيمة، فاستحسن الجماعة ذلك منها وما هي عليه من العقل مع الصبي وودعوه وانصرفوا.

توفي ابن أبي حامد في رمضان هذه السنة.

٢٣٢٣- سعيد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سعيد، أَبُو عثمان البيع [٣] :

وهو أخو زبير بْن مُحَمَّد الحافظ، سمع من جماعة وروى عنه ابن شاهين


[١] في ك: «خيرا وشكر له» .
[٢] في ك: «يبيعها ثانية على من» .
[٣] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد ٩/ ١٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>