قَالَ: ثُمَّ خرج المسيب بين يديه والربيع وأنا خلفه فِي إزار ورداء، فسلم عَلَى الناس، فما قام إِلَيْهِ أحد، ثُمَّ مضى حَتَّى بدأ بالقبر فسلم عَلَى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ التفت إِلَى الربيع، فَقَالَ: يا ربيع، ويحك أخشى إن رآني مُحَمَّد بْن عمران أن يدخل قلبه هيبة فيتحول عن مجلسه، وتا الله لئن فعل لا ولي لي ولاية أبدا.
قَالَ: فلما رآه- وَكَانَ متكئا- أطلق رداءه عَلَى عاتقه ثُمَّ احتبى به ودعى بالخصوم وبالحمالين، ثم دعا بأمير المؤمنين ثم ادعوا وحكم عليه لهم، فلما دخل الدار قَالَ للربيع: اذهب فإذا قام وخرج من عنده من الخصوم فادعه، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ما دعا بك حَتَّى تفرغ من أمر الناس جميعا، فدعاه، فلما دخل عليه سلم، فَقَالَ: جزاك اللَّه عن دينك وعن بنيك وعن حسبك وعن خليفتك أحسن الجزاء، قَالَ: قَدْ أمرت لك بعشرة آلاف دينار فاقبضها، فكانت عامة أموال مُحَمَّد بْن عمران الطلحي من تلك الصلة.
٨٣٧- ابْن عمار أَبُو عَمْرو بْن العلاء القاري:
وقيل: اسمه زبان، وقيل: سفيان، والصحيح أن اسمه كنيته، وَكَانَ أبوه عَلَى طراز الحجاج. وجده عمار حمل راية عَلِيّ [بْن أبي طالب][١] عليه السلام يوم صفين.
ولد أَبُو عَمْرو بْن العلاء فِي سنة سبعين فِي أيام عَبْد الملك بْن مروان. ونشأ بالبصرة وقرأ عَلَى مجاهد، وسعيد بْن جبير، والحسن، وشيبة بْن نصاح، ويحيى بْن يعمر، وابْن كثير. وَكَانَ مقدما فِي دهره، عالما بالقراءة. عارفا بوجوهها، أعلم الناس بأمور العرب مع صدق وصحة سماع.
وَكَانَ قَدْ كتب عَنِ العرب الفصحاء مَا ملأ به بيتا إِلَى قريب من السقف، ثُمَّ أنه تقرى فأحرقها كلها، فلما رجع من بعد إِلَى علمه لم يكن عنده إلا ما قد حفظه، وكانت ٨٣/ ب عامة أخباره/ عَنْ أعراب قَدْ أدركوا الجاهلية.
تُوُفِّيَ بالكوفة في هذه السنة وَهُوَ ابْن أربع وثمانين سنة.
[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، أوردناه من ت.