للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ، اخْرُجْ، قَالَ: وَأَنَا آمِنٌ؟ قَالَ: وَأَنْتَ آمِنٌ، فَخَرَجَ الْعَبْسِيُّ، فَصَاحَتِ السَّبَئِيَّةُ: هَذَا الْكَلْبُ وَافِدُ الْكِلابِ، اقْتُلُوهُ، فَنَادَى: يَا آلَ مُضَرَ، إِنِّي أَحْلِفُ باللَّه لَيَرُدَّنَّهَا عَلَيْكُمْ أَرَبَعَةُ آلافِ خَصِيٍّ، فَانْظُرُوا كَمِ الْفُحُولَةُ وَالرِّكَابُ فَمَنَعَتْهُ مُضَرُ. وَحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عَنْ أَبِي حَارِثَةَ وَأَبِي عُثْمَانَ، قَالا: أَتَى مُعَاوِيَةَ الْخَبَرُ بِحَصْرِ عُثْمَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَى حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيِّ، فَقَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ قَدْ حُصِرَ، فَأَشِرْ عَلَيَّ بِرَجُلٍ يُنْفِذُ لأَمْرِي وَلا يُقَصِّرُ، قَالَ: مَا أَعْرِفُ ذَلِكَ غَيْرِي، قَالَ: أَنْتَ لَهَا، فَأَشِرْ عَلَيَّ بِرَجُلٍ أَبْعَثُهُ عَلَى مُقَدِّمَتِكَ لا تُتَّهَمُ نَصِيحَتُهُ، قَالَ: يَزِيدُ بْنُ شَجَعَةَ الْحِمْيَرِيُّ، فَدَعَا بِهِمَا [١] فَقَالَ: النَّجَاءُ، سِيرَا فَأَعِينَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَعَجَّلْ أَنْتَ يَا يَزِيدُ فَإِنْ قَدِمْتَ يَا حَبِيبُ وَعُثْمَانُ حَيٌّ فَالأَمْرُ أَمْرُهُ، فَانْفِذْ لِمَا يَأْمُرُكَ بِهِ، وَإِنْ وَجَدْتَهُ قَدْ قُتِلَ فَلا تَدَعْنَ أَحَدًا أَشَارَ إِلَيْهِ أَوْ أَعَانَ عَلَيْهِ إِلا قَتَلْتَهُ. وَبَعَثَ مَعَ يَزِيدَ أَلْفَ فَارِسٍ، فَسَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ، فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ، ثُمَّ لَقِيَهُ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ وَمَعَهُ الْقَمِيصُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ عُثْمَانُ مُخَضَّبٌ بِالدِّمَاءِ وَأَصَابِعُ امْرَأَتِهِ، فَأَمْضَى حَبِيبٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَأَقَامَ فَأَتَاهُ بِرَأْيِهِ فَرَجَعَ حَتَّى قَدِمَ دِمَشْقَ. وَلَمَّا قَدِمَ/ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ أَخْرَجَ القميص وأصابع نائلة بنت الفرافصة- ٢٨/ ب أُصْبُعَانِ قَدْ قُطِعَتَا بِبَرَاجِمِهِمَا وَشَيْءٍ مِنَ الْكَفِّ، وَأُصْبُعَانِ مَقْطُوعَتَانِ مِنَ أَصْلِهِمَا مُفْتَرِقَتَانِ، وَنِصْفُ الإِبْهَامِ- فَوَضَعَ مُعَاوِيَةُ الْقَمِيصَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَكَتَبَ بِالْخَبَرِ إِلَى الأَجْنَادِ، وَثَابَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَبَكَوْا سَنَةً وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالأَصَابِعُ مُعَلَّقَةٌ فِيهِ، وَالرِّجَالُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لا يَأْتُونَ النِّسَاءَ، وَلا يَمَسُّهُمُ الْغُسْلُ إِلا مِنَ الاحْتِلامِ، وَلا يَنَامُونَ عَلَى الْفُرُشِ حَتَّى يَقْتُلُوا قَتَلَةَ عُثْمَانَ، وَمَنْ عَرَضَ دُونَهُمْ بِشَيْءٍ أَوْ يُفْنِي أَرْوَاحَهُمْ، فَمَكَثُوا يَبْكُونَ حَوْلَ الْقَمِيصِ سَنَةً، وَالْقَمِيصُ مَوْضُوعٌ كُلَّ يَوْمٍ، وَفِي أَرْدَافِهِ أَصَابِعُ نَائِلَةَ مُعَلَّقَةٌ.

[استئذان طَلْحَة والزبير عليا] [٢]

وحَدَّثَنَا سَيْفٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ قَالا [٣] : اسْتَأْذَنَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ عَلِيًّا فِي الْعُمْرَةِ، فَأَذِنَ لَهُمَا، فَلَحِقَا بِمَكَّةَ، وَأَحَبَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنْ يَعْلَمُوا مَا رَأْيُ عَلِيٍّ فِي معاوية ليعرفوا


[١] في ت: «فدعاهما» .
[٢] العنوان غير موجود في الأصول.
[٣] الخبر في تاريخ الطبري ٤/ ٤٤٤، ٤٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>