المنصور، فلم يحضر الإمام فأذَّن المؤذنون ونزلوا، فأخبروا أنهم رأوا عسكر البساسيري حذاء شارع دار الرقيق، وجاء العسكر، وصلى الناس الظهر بغير خطبة.
ثم ورد في السبت نحو مائتي فارس، ثم دخل البساسيري بغداد يوم الأحد ثامن ذي القعدة ومعه الرايات المصرية، فضرب مضاربه على شاطئ دجلة، فتلقاه أهل الكرخ، فوقفوا في وجه فرسه وتضرعوا إليه أن يجتاز عندهم، فدخل الكرخ وخرج إلى مشرعة الروايا، فخيم بها، وكان على رأسه أعلام عليها مكتوب الإمام المستنصر باللَّه أبو تميم معد أمير المؤمنين، وكان قد جمع العيارين وأهل الرساتيق وأطمعهم في نهب دار الخلافة، والناس إذ ذاك في ضر ومجاعة، ونزل قريش ابن بدران في نحو مائتي فارس على مشرعة باب البصرة، فلما استقر بالقوم المنزل ركب عميد العراق من الجانب الشرقي في العسكر وحواشي الدولة والهاشميين والعوام والعجم إلى آخر النهار، فلم يجابهوا عسكر البساسيري بشيء، ونهبت دار قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني، وهلك أكثر السجلات والكتب الحكمية، فبيعت على العطارين، ونهبت دور المتعلقين بالخليفة، ونهب أكثر باب البصرة بأيدي أهل الكرخ تشفيًّا لأجل المذهب، وانصرف الباقون عراة، فجاءوا إلى سوق المارستان، وقعدوا على الطريق ومعهم النساء والأطفال، وكان البرد حينئذ شديدًا، وعاود أهل الكرخ الأذان «بحي على خير العمل» وظهر فيهم السرور الكثير، وعملوا راية بيضاء ونصبوها وسط الكرخ وكتبوا عليها اسم المستنصر باللَّه، وأقام بمكانه والقتال يجري في السفن بدجلة.
[الدعاء لصاحب مصر في جامع المنصور]
١٧/ ب فلما كان يوم الجمعة الثالث عشر/ من ذي القعدة: دعي لصاحب مصر في جامع المنصور، وزيد في الأذان «حي على خير العمل» وشرع البساسيري في إصلاح الجسر، فعقده بباب الطاق، وعبر عسكره عليه فنزلوا الزاهر، وحضرت الجمعة يوم العشرين من ذي القعدة فدعي لصاحب مصر بجامع الرصافة، وخندق الخليفة حول داره ونهر معلى خنادق، وحفرت آبار في الحلبة، وغطيت حتى يقع فيها من يقاتل، وبنيت أبراج على سور دار الخليفة، وخرج رئيس الرؤساء، فوقف دون باب الحلبة يفرق النشاب، ثم فتح الباب فاستجرهم البساسيري، ثم كر عليهم فانهزموا، وامتلأ باب الخليفة بالقتلى، وأجفل رئيس الرؤساء إلى دار الخليفة، فهرب أهل الحريم، وعبروا