للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السودان فِي بوق لهم، فكان كل أسود يسمعه فيؤم الصوت [١] ، وذلك فِي يوم الجمعة لسبع بقين من ذي الحجة، وعدوا على ابْن الربيع والناس فِي الجمعة، فأعجلوه عَنِ الصلاة، وخرج حتى أتى السوق، فمر بمساكين خمسة وهم يسألون الناس، فحمل عليهم بمن معه فقتلوهم، وحمل عليه السودان، فهرب ابْن الربيع إِلَى البقيع فرهقوه [٢] ، فنثر لهم دراهم فأشغلوا بها، ومضى لوجهه حَتَّى نزل بطن نخلة، ووقع السودان فِي طعام لأبي جعفر من سويق ودقيق وزيت، فانتهبوه.

فخرج ابْن أبي سبرة من السجن فِي حديده، فخطب الناس وصلى بهم، ودعاهم إِلَى الطاعة، وقال ابْن أبي سبرة لجماعة من سادات العبيد: والله لئن ثبتت علينا هَذِهِ الثلاثة [٣] عند أمير المؤمنين بعد الفعلة الأولى إنه لاصطلام البلد وأهله، فاذهبوا إِلَى العبيد فكلموهم. فذهبوا إليهم فقالوا: مرحبا بكم يا موالينا، والله مَا قمنا إلا إبقاء لكم.

واقبلوا بهم إِلَى المسجد، فردوا مَا انتهبوه، فرجع ابْن الربيع، فقطع أيدي جماعة من السودان.

وَفِيهَا: أسست مدينة بغداد: [٤]

وَكَانَ سبب ذلك: أن أبا جعفر بْنى- حين أفضي الأمر إِلَيْهِ- الهاشمية قبالة مدينة ابْن هبيرة إِلَى جنب الكوفة، وبْنى أَبُو جعفر أيضا مدينة بظهر الكوفة سمّاها: الرصافة.

فلما ثارت الروندية بأبي جعفر فِي مدينته الَّتِي يقال لها: الهاشمية كره سكناها لاضطراب من اضطرب عليه من الروندية، ولم يأمن على نفسه. فخرج يرتاد موضعا يتخذه مسكنا لنفسه وجنده، ويبْني به مدينة، فانحدر إِلَى جرجرايا، ثُمَّ صار إِلَى بغداد، ثم مضى إلى الموصل، ثم عاد إِلَى بغداد فَقَالَ: هَذَا موضع صالح، وَهَذِهِ دجلة ليس بيننا وبين ٣٤/ أالصين شيء، يأتينا فِيهَا كل مَا فِي البحر، وتأتينا الميرة من الجزيرة وأرمينية وما حول ذلك، وَهَذِهِ الفرات يجيء فِيهَا كل شيء بالشام والرقة، وضرب عسكره على الصراة، وخط المدينة، ووكل بكلّ ربع قائدا.


[١] في الطبري ٧/ ٦١٠: «يأتم الصوت» .
[٢] في الأصل: «فوهقوه» وما أثبتناه من ت.
[٣] في الأصل: «هذه الليلة» وما أثبتناه من ت.
[٤] انظر: تاريخ الطبري أحداث سنة ١٤٥ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>