للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّبِيِّ فِي سَنَةٍ. قَالَتْ: فَبَلَغَ سَنَتَيْنِ وَهُوَ غُلامٌ جَفْرٌ [١] . قَالَتْ: فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ، فَقُلْتُ لَهَا، وَقَالَ لَهَا زَوْجِي: دَعِي ابْنِي فَلْنَرْجِعْ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ. قَالَتْ:

وَنَحْنُ أَضَنَّ شَيْءٍ بِهِ لِمَا رَأَيْنَا من بركته صلى الله عليه وسلم. فَلَمْ نَزَلْ بِهَا حَتَّى قَالَتْ: ارْجِعِي بِهِ.

قَالَتْ: فَمَكَثَ عِنْدَنَا شَهْرَيْنِ، قَالَتْ فَبَيْنَمَا هُوَ يَلْعَبُ يَوْمًا مَعَ إِخْوَتِهِ خَلْفَ الْبَيْت إِذْ جَاءَ أَخُوهُ يَشْتَدُّ، فَقَالَ لِي وَلأَبِيهِ: أَدْرِكَا أَخِي الْقُرَشِيِّ فَقَدْ جَاءَهُ رَجُلانِ فَأَضْجَعَاهُ فَشَقَّا بَطْنَهُ.

قَالَتْ فَخَرَجْتُ وَخَرَجَ أَبُوهُ يَشْتَدُّ نَحْوَهُ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ قَائِمٌ مُمْتَقِعٌ لَوْنُهُ، فَاعْتَنَقْتُهُ وَاعْتَنَقَهُ أَبُوهُ وَقَالَ: مَالَكَ يَا بُنَيِّ؟ قَالَ: أَتَانِي رَجُلانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ فَأَضْجَعَانِي فَشَقَّا بَطْنِيَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا صَنَعَا.

قَالَتْ: فَاحْتَمَلْنَاهُ وَرَجَعْنَا بِهِ. قَالَتْ: يَقُولُ زَوْجِي يَا حَلِيمَةُ، وَاللَّهِ مَا أَرَى الْغُلامَ إِلا قَدْ أُصِيبَ، فَانْطَلِقِي فَلْنَرُدُّهُ إِلَى أُمِّهِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ بِهِ مَا نَتَخَوَّفُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَرَجَعْنَا بِهِ إِلَى أُمِّهِ. فَقَالَتْ: مَا رَدَّكُمَا وَكُنْتُمَا حَرِيصَيْنِ عَلَيْهِ؟ فَقُلْنَا: لا وَاللَّهِ إِلا أَنَّا كفلناه وأدّينا الّذي علينا مِنَ الْحَقِّ فِيهِ ثُمَّ تَخَوَّفْنَا عَلَيْهِ الأَحْدَاثَ، فَقُلْنَا يَكُونُ عِنْدَ أُمِّهِ.

قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِكُمَا، فَأَخْبِرَانِي [٢] خَبَرَكُمَا وَخَبَرَهُ، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا زَالَتْ بِنَا حَتَّى أَخْبَرَنَاهَا خَبَرَهُ. قَالَتْ: أَتَخَوَّفْتُمَا عَلَيْهِ. لا وَاللَّهِ إِنَّ لابْنِي هَذَا شأنا ألا أخبركما عنه؟

إني حملت بِهِ فَلَمْ أَحْمِلْ حِمْلا [٣] قَطُّ هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ، وَلا أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهُ، وَلَقَدْ وَضَعْتُهُ فلم يقع كما يقع الصِّبْيَانُ، لَقَدْ وَقَعَ وَاضِعًا يَدَهُ فِي الأَرْضِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. دَعَاهُ وَالْحَقَا بِشَأْنِكُمَا [٤]

. ذكر ما جرى فِي السنة الثالثة من مولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قال مؤلف الكتاب: من ذلك شق صدره، وقد ذكرناه، وظاهر هذا الحديث أن


[١] جفر: شديد.
[٢] في الأصل: «فأخبروني» .
[٣] هذا يوهم أنها حملت بغير نبينا صلى الله عليه وسلم، وهو غير صحيح، فلم تحمل آمنة أم الرسول صلى الله عليه وسلم إلا به.
[٤] حديث حليمة: في السيرة النبويّة لابن هشام ١/ ١٦٢- ١٦٥. والبداية والنهاية ٢/ ٢٧٣. ودلائل النبوة للبيهقي ١/ ١٣٣- ١٣٦. ودلائل النبوة لأبي نعيم ١١١- ١١٣. وألوفا لابن الجوزي (رقم ١١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>