للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو المنذر: ثُمَّ إِن شعيبا زوج موسى ابنته، ثُمَّ خرج إِلَى مَكَّة فتوفي بها، وأوصى إِلَى موسى، وَكَانَ عمره كُلهُ مائة وأربعين سَنَة، ودفن فِي الْمَسْجِد الحرام حيال الحجر الأسود.

ومن الحوادث الَّتِي كانت فِي زمن شُعَيْب ملك منوشهر [١]

ورأيته بخط أَبِي الْحُسَيْن بْن المنادي «ميوشهر» قَدْ ضبط بالياء، وهو من ولد إيرج ابن أفريدُونَ، ولما كبر صار إِلَى جده أفريدُونَ فتوجه. وبعث موسى عَلَيْهِ السَّلام وَقَدْ مضى من ملك منوشهر ستون سَنَة، فعاش فِي الْمَلِك ستين [سَنَة] [٢] أُخْرَى، ثُمَّ وثب بِهِ عدو [٣] فنفاه عن بلده اثني عشر سَنَة، ثُمَّ أديل منه منوشهر فنفاه وعاد إِلَى ملكه، فملكه بَعْد ذَلِكَ ثمانيا وعشرين سَنَة.

وَكَانَ منوشهر يوصف بالعدل والإحسان، وَهُوَ أول من خندق الخنادق وجمع آلة الحرب وزاد في مهنة المقاتلة الرمي، وأول من وضع الدهقنة فجعل لكل قرية دهقانا، وجعل أهلها لَهُ خولا وعبيدا.

وسار إِلَى بلاد الترك مطالبا بدم جده إيرج، فقتل طوخ بْن أفريدُونَ فانصرف.

واصطلح هُوَ وقريشات عَلَى أَن يجعلا حد مَا بَيْنَ مملكتيهما منتهى رمية سهم رجل من أَصْحَاب منوشهر، فحيث مَا وقع سهمه من موضع رميته تلك مِمَّا يلي الترك فهو الحدّ بينهما. فرمى ذلك فبلغت رميته نهر بلخ، فصار حد مَا بَيْنَ الترك وولد طوخ وولد إيرج.

واشتق منوشهر من الصراة ودجلة ونهر بلخ أنهارا عظاما، وقيل: إنه هُوَ الَّذِي كرى الفرات الأكبر، وأمر النَّاس بحراثة الأَرْض وعمارتها.

قَالُوا: ولما مضى من ملك منوشهر خمس وثلاثون سَنَة تناولت الترك من أطراف


[١] تاريخ الطبري ١/ ٣٧٧، وغرر السير ٦٥، ومرآة الزمان ١/ ٣٨٩، والكامل ١/ ١٢٦.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٣] في تاريخ الطبري ١/ ٣٧٩: «هو ابن لابن طوج التركي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>