للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَطَوَّلْتُ رَجَاءَ أَنْ يَذْهَبَ وَيَدَعَنِي، فَقَالَ: «طَوِّلْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا شِئْتَ، فَلَسْتُ بِنَازِحٍ حَتَّى تَنْصَرِفَ» فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لأَعْتَذِرَنَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلأُبَرِئَنَّ صَدْرَهُ. قَالَ:

فَانْصَرَفْتُ، فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا فَعَلَ شِرَادُ الْجَمَلِ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا شَرَدَ ذَلِكَ الْجَمَلُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، فَقَالَ: «رَحِمَكَ اللَّهُ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، ثُمَّ أَمْسَكَ عَنِّي فَلَمْ يَعُدْ. توفي خوات بن جبير بالمدينة فِي هَذِهِ السنة وَهُوَ ابْن أربع وسبعين سنة، وكان ربعة من الرجال.

٣١٨- علي بن أبي طالب رضي الله عنه [١] :

كان السبب فِي قتله [٢] أن عَبْد الرَّحْمَنِ بن ملجم، والبرك بن عَبْد اللَّهِ، وعمرو بن بكر التميمي اجتمعوا فتذاكروا أمر الناس وعابوا عمل ولاتهم، ثم ذكروا أمر النهر ٧٠/ أفترحموا عليهم، وقالوا: والله ما نصنع بالبقاء/ بعدهم شيئا، كانوا لا يخافون فِي الله لومة لائم، فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلال فالتمسنا قتلهم فأرحنا منهم البلاد، وأخذنا بثأر إخواننا. فقَالَ ابن ملجم: أما أنا فأكفيكم علي بن أبي طالب، وكان من أهل مصر. وقَالَ البرك بن عَبْد اللَّهِ: أنا أكفيكم معاوية، وقَالَ عمرو: أنا أكفيكم عمرو بن العاص. فتعاهدوا وتواثقوا لا ينكص رجل منهم عن صاحبه حتى يقتله أو يموت دونه، فأخذوا أسيافهم فسموها واتعدوا لسبع عشرة من رمضان أن يثب كل واحد منهم على صاحبه. وأقبل كل منهم إلى المصر الذي هو فيه يطلبه.

فأما ابن ملجم وكان عداده فِي كنده، فخرج فلقي أصحابه بالكوفة، وكاتمهم أمره كراهية أن يظهروا شيئا من أمره، ثم أنه رأى ذات يوم أصحابا له من تيم الرباب- وكان علي رضي الله عنه قتل منهم يوم النهر عدة فذكروا قتلاهم، ولقي من يومه ذلك امرأة من تيم الرباب يقال لها: «قطام» . وقد قتل علي أباها وأخاها يوم النهر- وكانت فائقة الجمال- فلما رآها التبست بعقله ونسي حاجته التي جاء لها، فخطبها، فقالت: لا أتزوجك حتى تشتفِي لي، قالَ: وما تشائين، قالت: ثلاثة آلاف، وعبد، وقينة، وقتل


[١] طبقات ابن سعد ٣/ ١/ ١١، وتاريخ بغداد ١/ ١٣٣.
[٢] تاريخ الطبري ٥/ ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>