للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي، فقَالَ: والله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي، فلك ما سألت، قالت: إني أطلب لك من يسند ظهرك ويساعدك على أمرك، فبعثت إلى رجل من قومها من تيم الرباب يقال له: «وردان» فكلمته، فأجابها، فأتى ابن ملجم رجلا من أشجع يقال له:

شبيب بن بجرة [١] ، فقَالَ له: هل لك فِي شرف الدنيا والآخرة؟ فقَالَ: وما ذاك؟ قَالَ:

قتل علي، قَالَ: ثكلتك أمك، لقد جئت شيئا فريا إذا، كيف تقدر على علي؟ قَالَ: أكمن له فِي المسجد فإذا خرج إلى صلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه، فإن نجونا بأنفسنا وأدركنا ثأرنا، وإن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا وما فيها، قَالَ: ويحك لو كان غير علي أهون علي، قد عرفت بلاءه فِي الإسلام، / وسابقته مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما أجدني أنشرح صدرا ٧٠/ ب لقتله. قَالَ: أتعلم أنه قتل أهل النهر العباد المصلين [٢] ، قَالَ: بلى، قَالَ: فنقتله بمن قتل من إخواننا، فأجابه، فجاءوا قطام وهي فِي المسجد الأعظم معتكفة، فقالوا: قد اجتمع رأينا على قتل علي، قالت: فإذا أردتم ذلك فأتوني، فعادوا ليلة الجمعة التي قتل فِي صبيحتها علي، فقَالَ: هذه الليلة التي واعدت فيها أن يقتل كل واحد منا صاحبه، فأخذوا أسيافهم ووقفوا مقابل السدة التي يخرج منها علي رضي الله عنه، فلما خرج ضربه شبيب بالسيف، فوقع سيفه فِي الطاق، وضربه ابن ملجم بالسيف. وهرب وردان حتى دخل منزله، فدخل عليه رجل، فقَالَ: ما هذا السيف، فأخبره فقتله، وخرج شبيب نحو أبواب كنده فِي الغلس، وصاح الناس فلحقه رجل من حضرموت- يقال له عويم- وفِي يد شبيب السيف، فأخذه، فلما رأى الناس قد أقبلوا وسيف شبيب فِي يده خشي على نفسه فتركه ونجا بنفسه، ونجا شبيب فِي غمار الناس، فشدوا على ابن ملجم، فأخذوه. وتأخر علي ودفع فِي ظهر جعدة بن هبيرة بن أبي وهب، فصلى بالناس الغداة، ثم قَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: علي بالرجل، فأدخل عليه فقَالَ: أي عدو الله، ألم أحسن إليك؟ قَالَ: بلى، قَالَ: فما حملك على هذا؟ قَالَ: شحذت سيفِي هذا أربعين صباحا، وسألت الله أن يقتل به شر خلقه، فقَالَ: لا أراك إلا مقتولا به، ولا أراك إلا من شر خلق الله.


[١] في الأصل: «نحره» هكذا بدون نقط.
[٢] في الطبري: «العباد المصلين» .

<<  <  ج: ص:  >  >>