أنه رحل المسترشد في المحرم، وكان إقبال الأمير الحاجب، ونظر صاحب العسكر فنزل بقرية تعرف بالحديثة من نهر ملك، فاستقبله البرسقي وجماعة من الأمراء الذين معه، ودخلوا عليه وحلفوا على المناصحة والمبالغة في الحرب، وقرأ أبو الفرج محمد بن عمر الأهوازي على المسترشد جزء الحسن بن عرفة وهو سائر، وكان قد ذكر ان جماعة من الباطنية وصلوا بغداد في زي الأتراك يقصدون الفتك، فتقدم أن يبعد كل مستعرب من الأتراك عن السرادق، وأمر بأن تحمل الأعلام الخاصة- وهي أربعة- أربعة من الخدم، وكذلك الشمسة ولا يدنو من المسترشد غير الخدم والمماليك، وسار المسترشد وعسكره يوم الأحد رابع المحرم إلى النيل، فلما تقاربوا رتب سنقر البرسقي بنفسه العسكر صفوفا، وكانوا نحو الفرسخ عرضا، وجعل بين كل صفين محالا للخيل، ووقف موكب الخليفة من ورائهم حيث يراهم ويرونه، ورتب دبيس عسكره صفا واحدا وجعل له ميمنة وميسرة وقلبا، وجعل الرجالة بين يدي/ ٩١/ أالفرسان بالتراس الكبار، ووقف في القلب من وراء الرجالة وقد منى عسكره ووعدهم نهب بغداد، فلما تراءى الجمعان بادرت رجاله دبيس فحملت وصاحوا: يا أكلة الخبز الحوارى والكعك الأبيض، اليوم نعلمكم الطعان والضرب بالسيف، وكان دبيس قد استصحب معه البغايا والمخانيث بالملاهي والزمور والدفوف يحرضون العسكر ولم يسمع في عسكر الخليفة إلا القرآن والتسبيح والتكبير والدعاء والبكاء.