والفيلة، وعم سقوطه من بين تكريت إلى البطيحة، ونزل على الحاج بالكوفة.
وقد ذكرنا في كتابنا هذا أن الثلج وقع في سنين كثيرة في أيام الرشيد والمقتدر والمعتمد والطائع والمطيع والقادر والقائم، وما سمع بمثل هذا الواقع في هذه السنة، فإنه بقي خمسة عشر يوما ما ذاب، وهلك شجر الأترج والنارنج والليمون، ولم تهلك البقول والخضر، ولم يعهد سقوط الثلج بالبصرة إلا في هذه السنة.
أنبأنا أبو عبد الله ابن الحراني، قال: لما نزل الوفر ببغداد في سنة/ خمس عشرة، ٨١/ ب قال بعض شعراء الوقت:
يا صدور الزمان ليس بوفر ... ما رأيناه في نواحي العراق
إنما عم ظلمكم سائر الخلق ... فشابت ذوائب الآفاق
ونفذ من دار الخلافة بالقاضي أبي منصور إبراهيم بن سالم الهيتي نائب الزينبي برسالة من الخليفة ومن السلطان، وكتب من الديوان إلى إيلغازي بسلامته من غزاة غزاها، ويأمرانه بإبعاد دبيس وفسخ النكاح بينه وبين ابنته، وقد كان لها زوج قبل دبيس سلجوقي، وكان قد دخل بها فقبض السلطان عليه واعتقله فورد بغداد شاكيا من إيلغازي ومحتجا عليه بأن نكاحه ثابت، فروسل بالهيتي فقال له: ان النكاح فاسد، فقال إيلغازي: إن النكاح الذي فسخه عامي لا ينفذ فسخه، فأجاب بجواب ارضاه عاجلا وحلف على طاعة الخليفة والسلطان.
وأما سيف الدولة فإنه كاتب الخليفة كتبا يستميل بها قلبه، ويذكر طاعته، فروسل في جواب كتابه بمكتوب [١] يسلك معه فيه الملاطفة، فدخل الحلة وأخرج أهلها فازدحموا على المعابر، فغرق منهم نحو خمسمائة، ودخل أخوه النيل، وأخرج شحنة السلطان منها، وكان السلطان ببغداد فحثه الخليفة على دبيس، فندب السلطان الأمراء لقصد دبيس فلما قصدوه أحرق من دار أبيه، وخرج من الحلة إلى النيل، فأخذ منها من الميرة، ودخل الأزير وهو نهر سنداد الذي يقول فيه الأسود بن يعفر.