للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزالوا مقيمين بالري حتى بلغهم قتل علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فدعا أصحابه أولئك وكانوا تسعة عشر رجلا، فأتوه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قَالَ: أيها الإخوان من المسلمين، إنه قد بلغني أن أخاكم ابن ملجم قعد لعلي عند أغباش [١] الصبح، فشد عليه فقتله، فأخذ القوم يحمدون الله على قتله، فقَالَ حيان: إنه والله ما تلبث الأيام لابن آدم حتى تذيقه الموت، فيدع الدنيا التي لا يبكي عليها إلا الفجرة [٢] ، فانصرفوا رحمكم الله إلى مصرنا ٧٩/ أفلنأت/ إخواننا فلندعهم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه لا عذر لنا فِي القعود، وولاتنا ظلمة، وسنة الهدى متروكة، فإن ظفرنا الله بهم يشفِي صدور قوم مؤمنين، وإن نقتل فهي مفارقة الظالمين ففيها راحة، ولنا فِي أسلافنا الصالحين أسوة.

فقالوا: كلنا قابل منك ما ذكرت [٣] ، وحامد رأيك، فرد بنا المصر فإنا راضون بهداك.

فخرج وخرجوا معه مقبلين إلى الكوفة، فأحب العافية، [وأحسن فِي الناس السيرة] [٤] ، ولم يفتش على أهل الأهواء عن أهوائهم، وكان يقال له: إن فلانا يرى رأي الشيعة، وفلانا يرى رأي الخوارج، فيقول: [قضى الله] [٥] ألا تزالون مختلفين، وسيحكم الله بين عباده، فأمنه الناس، وكانت الخوارج يلقي بعضهم بعضا، ويتذاكرون مكان إخوانهم بالنهروان، ويرون فِي جهاد أهل القبلة.

ففزعوا إلى ثلاثة نفر المستورد بن علفة التيمي [٦] ، وحيان بن ظبيان، ومعاذ بن حصن الطائي [٧] ، فاجتمعوا فِي منزل حيان بن ظبيان، فتشاوروا فيمن يولون عليهم، فقَالَ لهم المستورد: أيها المؤمنون، ما أبالي من كان منكم الوالي، وما شرف الدنيا نريد، وما إلى البقاء فيها من سبيل، فقَالَ حيان: أما أنا فلا حاجة لي فيها، وأنا بك، وبكل امرئ من إخواني راض، فانظروا من شئتم منكم فسموه، فأنا أول من يتابعه.


[١] الأغباش: جمع غبش، وهو بقية الظلمة يخالطهما بياض الفجر.
[٢] في الطبري: «لا يبكي عليها إلا العجزة» .
[٣] في الطبري: «كلنا قائل ما ذكرت» .
[٤] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.
[٥] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.
[٦] في الأصل: «المستورد بن علقمة» .
[٧] في الطبري: «معاذ بن جوين بن حصين الطائي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>